شريط البيبي سي

الثلاثاء، 24 مايو 2011

الحرس الوطنى المصرى
  بقلم   ياسر عبدالعزيز    ٢٢/ ٥/ ٢٠١١
على مدى الأسابيع القليلة الماضية، هيمن جو من التشاؤم على المصريين، وبات كثيرون يتساءلون بإلحاح ولهفة: «إلى أين نمضى؟ وهل مازلت متفائلاً؟ وهل سيحكم المتأسلمون؟ وهل سننزلق إلى فتنة طائفية بغيضة تقودنا إلى حرب أهلية؟ وإلى متى تستمر هذه التظاهرات التى توقف الحال؟ وهل صحيح أصبحنا على شفا إفلاس ومجاعة؟ وإلى متى سنعانى هذا الانفلات الأمنى؟».

نحن بالتأكيد نمضى إلى وضع أفضل من هذا الذى كنا عليه على مدى العقود الثلاثة الماضية، بعدما حققنا مكاسب ملموسة لا ينكرها إلا جاحد، وعلى رأسها أننا أصبحنا نملك وطننا، وننتمى إليه، وننشغل بمستقبله، ونختار مصيرنا بيدنا، ونحدد صلاحيات ومدداً لمن يحكمنا، ونملك قدرة محاسبته وعزله. سيدفعنا ذلك بالتأكيد إلى الحفاظ على التفاؤل، إذ يكفى أننا تخلصنا من عصابة الفساد الحاكمة، ومشروع التوريث الشائن، والصورة الذهنية السلبية، وفقدان الأخلاق وتردى القيم، واللامبالاة بالسياسة والشأن العام، والتفريط فى مقدرات البلد ومصالحه الوطنية العليا.
لن ننزلق إلى فتنة طائفية بغيضة، ولن يحكم المهووسون والمتعصبون والمتلاعبون بالدين، لأن فطرة المصريين الوسطية القويمة، والتيار الوطنى المصرى العريض، وميراث التعايش واللحمة الوطنية الصلبة، كلها عوامل ستمكننا من بناء نظام حكم ديمقراطى، يقودنا إلى دولة مدنية عادلة، تعكس هويتنا وتاريخنا وتنسجم مع العصرية والحداثة فى آن واحد.
يجب ألا نطلب من الثورة أن تعود إلى البيت، وتنتظر أن تتحقق أهدافها وتحمى نفسها من الالتفاف والسرقة والانتهاز، ولذلك ينبغى أن تستمر الثورة فى التعبير عن مطالبها بالحشد والهتاف والشعارات الحكيمة، دون أن تسمح بـ «وقف الحال»، ولا بانحراف الشعار، ولا بالسير وراء عواطف هوجاء وطرح «طموحات ومطالب» لا تأتى ضمن أولويات المرحلة، ولا تحترم السلام الاجتماعى والممتلكات العامة والخاصة ورغبة الجمهور فى رؤية الأوضاع تتحسن وتعود إلى طبيعتها.
يبقى من جملة الأسئلة الرائجة سؤالان، أحدهما يتعلق بالمسألة الاقتصادية، والآخر يتعلق بالوضع الأمنى، ولا شك أن كليهما يرتبط بالآخر ارتباطاً وثيقاً، إذ لا يمكن تصور أن ينتظم الأداء الاقتصادى، وينضبط الإنتاج ويتحقق النمو دون مظلة أمنية تتحلى بالانتشار والكفاءة والنزاهة والحسم، تظلل كل الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وتحميها وتوفر لها سبل الاستدامة والازدهار.
لدينا مشكلة أمنية تتفاقم يوماً بعد يوم، وسببها ميراث الفقر والبلطجة وآلاف المهمشين والخارجين على القانون، الذين أنتجهم النظام السابق واستثمر فيهم، وهزيمة جهاز الشرطة المادية والمعنوية، وعجزه عن الوفاء باستحقاقات دوره ووظائفه ومهامه، وفلول النظام السابق الراغبة فى تفجير الأوضاع لإعادة إنتاج نفسها، أو على أقل تقدير للانتقام من الثورة والشعب الذى احتضنها.
لن يكون بمقدور الجيش، بسبب طبيعة دوره، وعديده، وأنماط تدريبه وتسليحه وانتشاره، أن يحل الإشكال الأمنى الداخلى جذرياً، ولا يستحسن أن نعود لفكرة «اللجان الشعبية» التى كانت لها جوانب إيجابية واضحة فى بداية تشكلها، قبل أن تظهر عيوبها التى أنذرت بمخاطر كبيرة، ولا يبدو أن الشرطة، بوضعها الراهن، قادرة أو راغبة فى حفظ الأمن وصيانته.
سيكون من الصعب جداً أن تنتظم حركة الحياة الاجتماعية والاقتصادية فى مصر دون حل جذرى خلاق لمشكلة الأمن، وسيكون من الأصعب إجراء انتخابات عامة فى أعماق البلد فى ظل هذا الانفلات الذى يغرى بالبلطجة والعنف والتجرؤ على القانون.
تحتاج مصر حلاً مبتكراً جريئاً لمواجهة وضع حرج غير تقليدى، حيث يزيد الطلب على الأمن إلى أقصى درجة ممكنة، ويتقاعس، أو يعجز، الرجال المنوط بهم تحقيقه عن الوفاء بواجباتهم حياله.
يمكن لمصر أن تتجاوز هذا الإشكال إذا أنشأت القوات المسلحة جهازاً عسكرياً تحت اسم «الحرس الوطنى»، يكون جزءاً من المؤسسة العسكرية، لكن مهامه تقتصر على تحقيق الأمن الداخلى، ومكافحة الإرهاب، وتأمين المنشآت الحيوية، وحماية الأنشطة الاقتصادية والعمليات السياسية، والمساعدة فى الحالات الطارئة.
يعمل «الحرس الوطنى» بالتوازى مع الشرطة، ويسد الثغرات التى تنشأ عن عدم قدرتها أو رغبتها، ويرتدى زياً مختلفاً عنها، ويستخدم مقار وآليات غير تلك التى تستخدمها، ويضم قوات «الدفاع الشعبى»، ومجندين من الجيش، وضباطاً وصف ضباط من متقاعدى الجيش، ودفعات حديثة من الشرطة والشرطة المتخصصة، ومن المؤكد أنهم جميعاً سيكونون قادرين على تحقيق الأمن، وفق قواعد وأخلاقيات وقيم وآليات أفضل من تلك التى ثُرنا عليها جميعاً.
«الحرس الوطنى» بتلك الصيغة ليس بدعة، بل هو معمول به فى الولايات المتحدة، ويبلى بلاء حسناً، خصوصاً فى الولايات التى تتعرض لكوارث أو حوادث إرهابية، وينضم إليه مواطنون مدنيون، يتم اختيارهم بعناية، للعمل به بعض الوقت. وبدلاً من أن نظل نندب حظنا لأن الشرطة «لا تقدر أو لا ترغب»، وبدلاً من أن تتهدد ثورتنا لأننا على شفا الفوضى والانفلات، يمكننا أن نكون إيجابيين وخلاَّقين ومبدعين، ولنبدأ بطرح الأفكار لبلورة خيار «إنشاء الحرس الوطنى المصرى».

رأي المدون:


السؤال المهم ...
أين سلاح الحرس الجمهوري ؟
وأين إمكانياته الهائله ؟
لماذا نبحث عن جهاز جديد ونحن لسنا في إحتياج لكل هذه الامكانيات لحراسة الرئيس ... بل نحتاجها لحراسة الوطن.
أقترح أن يتحول هذا السلاح المقترح لحماية الأمن .. على أن يكون تابعا . مباشرتا إلى رئيس الجمهورية الجديد وحتى يتفرغ الجيش لمهامه الغاليه في حماية تراب مصر الغالي .
الامن ... ثم الأمن ... ثم الأمن
تحل كل المشاكل

                                                             التاريخ يسجل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق