شريط البيبي سي

السبت، 24 مارس 2012


 


 
فهمي هويدي 

الشروق  الخميس 22 مارس 2012 

هل صحيح أن الحكومة المصرية لم تكن جادة فى استرداد الأموال المنهوبة المودعة فى الخارج؟ هذا الأسبوع سمعنا ردا بالإيجاب، اتهم الحكومة بالتقاعس فى هذا الصدد، وشكك فى نواياها ومقاصدها. تصدمنا الإجابة وتفتح الباب واسعا لإساءة الظن. خصوصا حين يطلق الاتهام شخصيات محترمة تصدت لعملية استرداد الأموال المنهوبة منذ بداية الثورة، الأمر يتعذر السكوت عليه أو تجاهله.

أغلب الظن أن طرح فكرة التصالح مع رجال الأعمال المحبوسين هذه الأيام هو الذى استدعى ملف الأموال المودعة فى الخارج، لأننى لاحظت أن تهمة التقاعس أثيرت أثناء مناقشة مسألة التصالح فى برنامجين تليفزيونين جرى بثهما خلال يومى الأحد والاثنين الماضيين (18 و19 مارس) على قناتى «دريم» و«العربية»، وتحدث فيهما كل من الدكتور حسام عيسى أستاذ القانون المعروف والدكتور محمد محسوب عميد كلية الحقوق بالمنوفية، والاثنان من أعضاء المجموعة المصرية لاسترداد ثروة الشعب، التى تأسست أثناء الثورة، وضمت عددا من القانونيين البارزين، الاثنان وجها الاتهام صراحة وذهبا إلى أن الأمر لم يكن إهمالا أو تراخيا ولكنه كان موقفا واضحا، جرت تغطيته بإرسال خطابات شكلية إلى الجهات المعنية لمجرد ذر الرماد فى العيون، رغم تنبيهها إلى أن تلك الخطابات لا تحقق الهدف المطلوب.

ما سمعته كان صادما ومفاجئا. لذلك رجعت إلى الرجلين فأكدا الموقف الذى عبرا عنه. وفى التفاصيل ذكرا ما يلى:

● إن حكومة الدكتور عصام شرف التى عينت بعد الثورة شكلت لجنة قضائية لهذا الغرض، برئاسة المستشار عاصم الجوهرى، وقامت اللجنة بتوجيه 129 خطابا إلى المؤسسات المالية والبنوك الأجنبية طلبت تجميد أموال 19 شخصا من أركان النظام السابق.

● هذه الخطوة اتخذت بعد تشكيل المجموعة القانونية المصرية التى تطوع خبراؤها للنهوض بهذه المهمة. وأسفر ذلك الجهد عن تجميد 45 مليون جنيه استرلينى فى إنجلترا و420 مليون فرنك فى سويسرا. لكن هذه المبالغ ظلت نقطة فى بحر البلايين المودعة فى الخارج.

● حين مر الوقت ولم تحرك بقية الدول الأجنبية ساكنا، تحدث الدكتور حسام عيسى إلى تليفزيون الـ«بى بى سى» وانتقد موقف الحكومة البريطانية. وفى أول مناسبة دعى إلى عشاء فى بيت السفير البريطانى بالقاهرة، كان الضيف فيه هو السيد بيرت اليستر وزير الدولة البريطانى لشئون شمال أفريقيا. وفى اللقاء قال الوزير البريطانى إن حكومة بلاده أبلغت القاهرة بأن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد تتطلب استيفاء إجراءات معينة لتجميد الأموال المشتبه فيها أو تتبعها، وان الخطابات التى أرسلتها الحكومة المصرية لا تلبى الشروط التى وضعتها الاتفاقية. وعرضت الخارجية البريطانية إرسال وفد من جانبها إلى مصر لمعاونتها فى استيفاء الأوراق المطلوبة، لكن السلطات المصرية ظلت تسوف فى استقبال ذلك الوفد، طوال الأشهر التسعة الماضية.

● هذا الكلام الذى قاله الوزير البريطانى أعلن فى بيان رسمى صدر فى لندن يوم الاثنين الماضى (18/3) حمل الحكومة المصرية مسئولية التقصير فى استيفاء متطلبات استرداد الأموال. وهو ما اعترف به المستشار عاصم الجوهرى أمام مجلس الشعب أثناء مناقشة مشروع قانون قدمه النائب عصام سلطان، عضو مجموعة استرداد الأموال المنهوبة، لتشكيل لجنة جديدة مستقلة للنهوض بالمهمة التى تقاعست عنها الحكومة.

فى اتصال هاتفى قال لى عصام سلطان إن هناك تلاعبا فى العملية من البداية، وان مجموعة القانونيين التى تشكلت فى 7 فبراير من العام الماضى كانت قد أعلنت حينذاك عبر قناة الجزيرة عن عناوينها الإلكترونية لكى تتلقى أى معلومات عن الأموال المنهوبة، ولكن قراصنة النظام السابق استولوا عليها خلال نصف ساعة فاختفت من شريط الأخبار. مع ذلك فان النائب العام السويسرى تلقى الرسالة وأخبر مسئولى اللجنة بأن قانونا جديدا صدر فى سويسرا لتسهيل استرداد الأموال الناتجة عن عمليات فساد. وهذه هى الخلفية التى أدت إلى تجميد مبلغ الـ420 مليون فرنك فى البنوك السويسرية. وبسبب الشك فى ذلك التلاعب تم تقديم مشروع قانون تشكيل اللجنة المستقلة التى يرجى أن تتولى العملية بشكل محايد وجاد.

لا أحد يعرف كيف تم التلاعب بمصير الأموال المهربة خلال السنة التى مرت من عمر الثورة. لكن ما ذكر عن تقاعس السلطة فى التعامل مع الملف تحتاج إلى تحقيق، يتحرى الوقائع ويحدد المسئول عنها. لأن الأمر أكبر وأخطر من عملية استرداد تلك الأموال. إذ إنه يمس بصورة مباشرة موقف الثقة فى الإرادة السياسية حتى يكاد يجرحها. خصوصا أن تلك الإرادة تتحكم فى ملفات أخرى تتعلق بمصير الثورة والوطن.




رأي المدون :
هناك عدة أسئله مطلوب الإجابه عليها لتوضيح الصوره.
1- هل تراكم السنوات التي مضت في ظل حكم مبارك خلقت طبقه عازلة من الفاسدين والمرتشين وأصحاب المصالح لا تريد لثورة الشعب أن ينفذ من هذه الطبقة حتى تصل إلى كمال الثوره وأن هذه الطبقة مازالت موجوده حتى الآن وتقاوم بكل طاقتها بعدم إتمام الثوره وذلك حتى آخر نفس في حياتها ؟
2- هل هذه الطبقه تشمل كل القيادات الحاكمه والمسيطره على الحكومه حتى الآن وتصل إلى مسئوليين مازالوا موجوديين في سدة في الحكم ؟
3- بناء على ذلك تقاوم هذه الطبقة مصلحة مصر العليا في إسترداد أموال الشعب من سارقيه و الموجوده في الخارج لأن ذلك سيجلب لها الكثير من المتاعب والمسائلات القانونيه بالإشتراك أيضا في هذا الفساد الذي حدث ؟
4- هل الأزمات التي تمر بها البلاد بمعدل أزمه كل أسبوع الهدف منه هو عدم وصول البلاد إلى موعد تسليم السلطة في شهر يونيه والذي قد يترتب عليه كشف الغطاء عن هذه الطبقه وكشف المستور عنها حتى الأن ؟
5- هل كل هذا السيناريو المخطط الذي يحدث بتخطيط واضح والهدف منه الوصول بالرأي العام إلى نوع من اليأس والخوف والهلع على أمن المواطنين حتى يستسلموا إلى مرشح بعينه ( عسكري ) بهدف حفظ الأمن والأمان وبإختيار المرشحين بأنفسهم وقد تساعد الماده 28 في قانون انتخابات الرئاسه في أن يتم إن أردتم أم لا ؟
وفي رأيي أن الشعب المصري قد وصل منذ 25 يناير إلى سن الرشد ولم ولن يستطيع ( إبليس نفسه ) أن يضحك عليه بعد هذا اليوم .
موتوا بغيظكم أيها الشياطين وسنصل إلى يونيه بإذن الله بعيدا عن ألاعيبكم الغبيه ولن يسمح الشعب المصري مهما حدث أن يضحك عليه مره أخرى.
إن الإتهامات فعلا خطيره 

التاريخ يسجل

الثلاثاء، 13 مارس 2012

دال كسرة: ديمقراطية ــ دال ضمة: دستور



 معتز بالله عبد الفتاحالسبت 10 مارس 2012 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة الديمقراطية نظام حكم له مبادئ وله إجراءات، وحين يتفاعلان ينتجان عملية. إذن هى عملية مركبة (process) فيها مبادئ (principles) ولها إجراءات (procedures). المبادئ مثل الحرية والمساواة والعدالة والحقوق، والإجراءات مثل وجود نظام حزبى، والانتخابات بما فيها من دعاية وترشح وتصويت. وهو ما ينتج عملية مركبة تقوم على ممارسات منضبطة بالمبادئ ومرتبطة بالإجراءات. الإجراءات هى الجانب الصلب والمشاهد من العملية الديمقراطية (hardware) أما المبادئ فهى الروح التى لا نراها ولكن نرى مظاهرها، ونعانى من غيابها وهى التى تجعل للإجراءات قيمة (software).

وتبين للبشرية أنه لا بد من النص على هذه المبادئ والإجراءات والعملية برمتها فى وثيقة مكتوبة أو أكثر لضمان سلامة واستدامة هذه العملية. وهو ما جعلت كل دول العالم ما عدا ثمانى دول لديها وثيقة واحدة مكتوبة تضع فيها هذه الأمور ألا وهى الدستور.

ولأن الديمقراطية اختراع إنسانى عبقرى يهدف إلى قمع القمع ولجم جماح الاستبداد عن طريق تعدد مراكز صنع القرار والرقابة المتبادلة بين مؤسساتها فضلا عن حق المحكوم فى أن يكون حاكما فى يوم الانتخابات وواجب الحاكم لأن يقبل بحكمه إما بالعزل أو بالبقاء، فقد أخذت به معظم دول العالم. ومع ذلك تظل الدول العربية إلى أن ينجح التحول الديمقراطى مسئولة عن أكثر من 50 بالمائة من الدول غير الديمقراطية مع أن الدول العربية لا تشكل إلا نحو 10 بالمائة من دول العالم (22 دولة عربية من 200 دولة فى العالم). وقد وقفت النخب العربية الحاكمة ومعها قطاع من المثقفين العرب موقف الريبة الشديدة من الديمقراطية محتجين بما لها من آثار سلبية محتملة على الاستقرار والتنمية. والسؤال المطروح هل لمخاوفهم أسس منطقية من الواقع؟ وكيف استطاعت عمليات الهندسية المؤسسية (أى حسن تصميم المؤسسات السياسية) وحسن صياغة الدساتير أن تحل الكثير من المشكلات وأن تبدد الكثير من المخاوف.

وتؤيد بعض المشاهدات منطق التخوف من الديمقراطية ولنأخذ مثالا معيشا مما تعانية دولة الكويت، وهى الدولة الأكثر ديمقراطية فى دول الخليج، من عدم استقرار سياسى نال من خطط التنمية والبرامج الخدمية للدولة فقد حل البرلمان أربع مرات فى آخر ست سنوات بما يعنى عدم استكمال أى من المجالس الثلاثة لولايته، وهى أربع سنوات للدورة البرلمانية العادية.

وربما نتذكر أن الرئيس السابق مبارك قد رفض التخلى عن رئاسة الحزب الوطنى لأنه من أنصار وجود حزب قوى يمنع نمط الحكومات الائتلافية والضعيفة التى كانت موجودة قبل الثورة وعليه فمصر بحاجة لنوع من ديمقراطية «الجرعة جرعة» بما لا ينال من استقرار الوطن وأمنه.

وهى معضلة حقيقية يواجهها من يريد نظاما فيه حكومة فعالة وحازمة (authoritative) دون أن تكون تسلطية أو استبدادية (authoritarian).

إذن هل الديمقراطية لا تصلح لمجتمعاتنا العربية؟ الإجابة المريحة، لا تصلح. لكن الإجابة الصحيحة هى أنها تصلح إذا ما ارتبطت هذه الديمقراطية بهندسة مؤسسية ودستورية تستوعب طبيعة هذه المجتمعات اجتماعيا وثقافيا وسياسيا. وعليه، فهذه الجملة الأخيرة تنقلنا من التساؤل عن مدى ملائمة الديمقراطية لمجتمعاتنا إلى تساؤل أكثر عمقا عن أى ترتيبات مؤسسية ودستورية تصلح لأى من المجتمعات العربية. ويكفى الإشارة إلى تحديات أربعة تواجهها بعض مجتمعاتنا العربية التى شرعت فى التحول الديمقراطى حديثا، ويمكن أن تتحول معها الديمقراطية إلى عامل عدم استقرار بل ربما تكون نتائجها أفدح من عواقب غيابها.

●●●

فأولا هناك نموذج الدولة المنقسمة قوميا حيث تعرف بعض الدول العربية درجة عالية من التوازى فى أشكال الانقسام والتى تبدو وكأنها دولة واحدة بالمعنى الدبلوماسى والقانونى لكن يعيش فيها عدة مجتمعات بالمعنى الثقافى والاجتماعى. ولنأخذ السودان مثالا. ومع كثير من التبسيط لخريطة سكانية معقدة، فإنه يغلب على قاطنى شمال السودان أنهم يتحدثون العربية ويدينون بالإسلام وفى وضع اقتصادى أفضل نسبيا مقارنة بأهل الجنوب وظلوا القابضين على مقاعد السلطة فى مواجهة الجنوبيين الذين يغلب عليهم أنهم لا يتحدثون العربية ويدينون بخليط من المسيحية و«كريم المعتقدات الأفريقية» كما ينص الدستور السودانى، وهم فى وضع اقتصادى أسوأ كثيرا من أهل الشمال، وظلوا فى معظم تاريخ السودان الحديث بعيدين عن مراكز صنع القرار. وهذا ما يعنى ضمنا أن السودان أقرب إلى دولة واحدة لكن يقطنها أكثر من قومية. وعليه فإن أى تطبيق ديمقراطى لا بد أن يرتبط بحذر شديد حتى لا تؤدى الديمقراطية إلى تعميق هذه الانقسامات الأولية بما يثير النعرات العرقية والقبلية انتهاء بالحروب الأهلية. 

ومن هنا اخترع التنظير السياسى فكرة الفيدرالية المرنة والتى قال بها عبقرى الفلسفة السياسية الأمريكى والذى أصبح الرئيس الرابع للولايات المتحدة جيمس ماديسون حتى يمكن الجمع بين ما هو «مشترك ومتوافق عليه من ناحية، وما هو خاص ومحلى من ناحية أخرى.» ومرونة الفيدرالية تقتضى توسيع صلاحيات المركز بما يضمن تخفيف حدة الانقسامات ويقتضى درجة عالية من تمثيل الولايات فى الحكومة الفيدرالية والتفاوض بينهما حتى لا يسود الاعتقاد بأن مركز الدولة أداة فى يد فئة أو مجموعة ضد بقية فئات المجتمع.

وبما أننا تحكمنا نخب لا تقرأ، وإن قرأت فهى عادة لا تفهم، ولو فهمت، فهى عادة تفهم خطأ، شهدنا أمامنا انقسام السودان، وهو ما نتمنى ألا نراه يتكرر فى دول أخرى.

كما يعول التنظير السياسى على المهارات التوافقية والتوفيقية للرموز الوطنية المشتركة مثل الزعامات المعروفة برصيدها السياسى الكبير عند جميع مواطنى الدولة بغض النظر عن انقساماتهم الأولية (مثل غاندى ونهرو فى الهند) وكذلك يعول على أهمية وجود حزب وطنى فوق عرقى وعابر للأيديولوجيات بما يمثل فى مرحلة معينة المصالح والتطلعات المشتركة للجميع مثل دور حزب المؤتمر الهندى والذى يستخدم كأهم سبب لتفسير نجاح مشروع المواطنة والديمقراطية الهندية (رغما عن التحديات الكثيرة) فى مقابل إخفاقات التجربة فى باكستان ونيجيريا وبنجلاديش، كما ينظر إلى دور حزب العمل الإسرائيلى بنفس المنطق خلال أول ثلاثين سنة من عمر الدولة العبرية.

●●●

ثانيا هناك نموذج الدولة المنقسمة أيديولوجيا: ومن هنا ابتكر العقل السياسى فكرة وجود مجلسين تشريعيين يكون تمثيل أحدهما مختلفا نوعيا عن تمثيل المجلس الآخر بما يقلل من فرص سيطرة تيار واحد على المجلسين لفترة طويلة. كما يؤدى وجود مجلس قضاء أعلى أو محكمة دستورية مستقلة وذات مصداقية تفصل فى أسباب النزاع إلى وجود حكم يتسم بالحياد تحمل الميزان بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وهو المجلس الذى لو كان موجودا فى النظام الأساسى للسلطة الفلسطينية لكان قد فصل فى دستورية القرارات التى اتخذتها الأغلبية البرلمانية لحماس وقرارات الرئيس الفلسطينى عباس. وبالمناسبة تقدم دول جنوب أفريقيا وكوستاريكا وأوروجواى وشيلى نماذج تدرس بعناية للهندسة الدستورية الفعالة فى مجتمعات كان ينظر لها تقليديا على أنها غير معدة للتحول الديمقراطى.

ثالثا هناك الدولة المهددة ديمقراطيا: أى التى تعانى من وجود جماعات تعمل على اختطاف الديمقراطية باستخدامها مرة واحدة ثم التخلص منها بعد الوصول إلى السلطة ومن هنا ابتكر التنظير السياسى فكرة استبعاد القوى السياسية التى يمكن أن تستخدم أساليب ديمقراطية للقضاء على الديمقراطية بحكم الدستور بل وفى مواد فوق دستورية أى لا يمكن الاتفاق على مخالفتها ولا يمكن تعديلها إلا بأغلبية استثنائية ومن ذلك التجربة الألمانية التى تضع مادة فى الدستور تمنع نشأة الأحزاب أو تكوين الجماعات التى لا تحترم الدستور. وعليه تم حظر الكثير من الجماعات المتطرفة يمينا (مثل الأحزاب النازية) أو يسارا (مثل الجماعات الشيوعية).

رابعا هناك نموذج الدولة الهشة بنيويا: حيث تكون سلطة رأس الدولة وشرعية نظام الحكم ووحدة المجتمع شديدة الترابط على نحو يجعل المساس بصلاحيات رئيس الدولة وإضعاف مركزه السياسى سببا كافيا للنيل من شرعية نظام الحكم برمته وبالتالى تهديد لوحدة المجتمع التى ستتحول إلى ساحة للصراعات السياسية والانفجار من الداخل؛ فالانفتاح السياسى المحدود الذى قاده جربتشوف فى الاتحاد السوفيتى أدى إلى انهيار تام لوحدة الدولة. وكذا فإن غزو العراق لم يعن فقط التخلص من رئيس الدولة، وإنما تدمير شرعية حزب البعث الحاكم ووضع ووحدة الدولة العراقية موضع تساؤل؛ وعليه فإن النظرية الديمقراطية، جعلت من بناء دولة المواطنة واحترام حكم القانون وقيم المواطنة الجامعة بكل تجرد ووطنية التعليم وبعده عن الصراعات الأيديولوجية والخطاب الإعلامى شرطا ضروريا ومتلازما للتحول الديمقراطى، فالتحول الديمقراطى بدون ديمقراطيين فى الحكم والمعارضة وبين قادة الرأى العام فى المجتمع يعنى الفوضى فى أعقاب القمع.

إذن كل كلمة بل وكل جملة فى الدساتير الجديدة فى دول ما بعد الثورات العربية تحتاج عناية خاصة جدا فهى، أى الدساتير، إما تكون من عوامل التقدم والنهضة أو من أسباب التراجع والردة.

رأي المدون:
بعد التحليل الرائع للدكتور معتز أرى أني وصلت إلى النتائج التاليه:
1- أن التحولات في نظم الحكم في جميع دول العالم ليس أمر سهل بالمرة بل هو عمليه شاقه وطويله يجب طالما دخلنا فيها أن نتحمل كل نتائجها وتباعيتها حيث أن الموضوع لن ينتهي بتولي رئيس للدوله فإن الموضوع سوف يأخذ وقتا كبيرا بأكثر من المتوقع للوصول إلى الاستقرار المنشود.
2- إن التحول من النظام الدكتاتوري إلى النظام الديمقراطي يشبه عملية المخاط الذي يسبق الولاده يحدث فيه الصراخ والألم والمعاناه حتى نحصل في النهايه على المولود .
3- في دوله تصل فيها نسبة الأميه إلى 40% من تعداد شعبها يجب على هذه النسبه في ظل الديمقراطيه أن تفسح الطريق للعلم فقط لكي يشق لها الطريق الصحيح نحو المستقبل المنشود فإن كلمة الديمقراطيه لا تعني الفوضى ويجب أن يقنن ذلك في الدستور بوضوح وإلا وصلنا إلى أسوء أنواع الفوضى في المجتمع تحت شعار التحول الديمقراطي.

التاريخ يسجل

من يكتب التاريخ؟




أحمد الصاوى


آخر تحديث: الأحد 26 فبراير 2012 - 8:55 ص بتوقيت القاهرة - الشروق
على هامش أزمة إنجازات مبارك فى كتاب التاريخ المدرسى، تتفجر أسئلة ليست هامشية حول مناهج التاريخ التى ندرسها، وخضوعها لنظام الحكم القائم ونظرته لنفسه وللآخرين وانحيازاته وخصوماته.
هل أنت منزعج أن كتاب التاريخ المدرسى مازال يتحدث عن مبارك حتى بعد خلعه، أم أنك منزعج فقط أنه يتحدث عن إنجازاته دون سلبياته، أم لأن ما يطرحه الكتاب من إنجازات فيه قولان لأن أغلبها إنجازات من وجهة نظر عين منحازة لمبارك وليست عينا موضوعية.
أيا كان سبب انزعاجك لابد أن تعرف أن مبارك حكم هذا البلد 30 عاما، لا يليق أن تطالب بإخراجه من التاريخ، لأنك ترتكب جرما فى حق الأجيال الجديدة حين تسقط من عمر وطنهم ومجتمعهم 30 عاما، ولا يليق كذلك أن تكون دروس التاريخ بعد الثورة التى ستتناول عهد مبارك كلها هجوما وانتقادا حتى ترضى بذلك، لكن ما يجب أن تتمسك به هو أن تكون هناك معايير واضحة وعلمية لكتابة التاريخ الذى تدرسه الأجيال لا ينحاز لوجهات نظر على حساب الأخرى، يعتمد على كثير من الوثائق وقليل من التحليل، دون إسهاب فى الرأى.
لكن دعك من مبارك فقد صار ماضيا وكثير من تاريخه مسجل بالصوت والصورة، والشهادات حوله حية لأنه تاريخ عشناه، ولم نسمع عنه، لكن تعال لتنظر إلى التاريخ كمادة دراسية، كيف تبقى طوال الوقت مرهونة بنظام الحكم فتفرط فى تأييده وإسباغ الفضائل عليه وعندما يسقط تضطر للتوارى خجلا من اسمه، هل ستستمر هذه السياسة، وكيف ستترجم سيطرة الأغلبية الإسلامية سياسيا على كتب التاريخ، هل سيدرس التلاميذ تاريخ الإخوان المسلمين كما يروونه لأنفسهم وأعضائهم وشبابهم ويصدر فى كتبهم، أم كما يرويه خصومهم، أم أن هناك حلا علميا مهنيا موضوعيا بين هذا وذاك، هل سيُقدم حسن البنا للتلاميذ فى ثياب القديسين والمصلحين كما تقدم جمال عبدالناصر وسعد زغلول وأنور السادات وللغرابة مبارك دون جوانب سلبية، وإذا تغيرت الأغلبية فى انتخابات لاحقة هل سيتراجع كتاب التاريخ المدرسى عن مديحه لرموز أغلبية سابقة لصالح رموز أغلبية جديدة.
ماذا ستقول كتب التاريخ المدرسية فى ظل أغلبية إسلامية عن المواجهات المسلحة بين الدولة والجماعات الإسلامية، كيف ستصف العمليات التى نفذتها هذه الجماعات ضد الشرطة والمدنيين ورموز الدولة، هل تعتبرها عمليات إرهابية، أم خلافات سياسية كان السلاح فيها هو لغة الحوار، هل ستبرئ الجماعات منها وتظهرها كضحية اضطرت لرفع السلاح أمام الدولة الظالمة، أم ستقدمها باعتبارها إحدى خطايا التفكير وتلومها وتشير لمراجعاتها فى هذا الشأن؟
من يكتب التاريخ؟ هذا هو السؤال الذى لابد أن تفتحه واقعة درس إنجازات مبارك، لأن المؤكد أن من كتب هذا الدرس «مباركى» بفعل القناعة أو بفعل نفاق السلطة، لكن إذا تركنا تاريخ عبدالناصر يكتبه الناصريون، وتاريخ السادات يكتبه الساداتيون، وتاريخ الإخوان يكتبه الإخوان، وتاريخ اليسار يكتبه اليساريون، وتاريخ الجماعات الإسلامية يكتبه أمراء الجهاد المسلح، فهل سيكون بين أيدينا كتاب دراسى للتاريخ يصلح ليتدارسه الأجيال.
إصلاح مناهج التاريخ فى المدارس، وإعادة صياغة المعايير العلمية التى تقوم عليها هى بداية للقضاء على جذور النفاق فى هذا البلد، واستعادة كرامة من هضم التاريخ حقهم ووضع كل فى قدره بنجاحاته وأخطائه على السواء.
رأي المدون:
نظرا لأن التاريخ هو وجدان الأمة وهو الذي يشكل شخصية أبنائنا الأن وهم رجال المستقبل فإنه في رأيي أن من يكتب التاريخ من بعد 25 يناير يجب أن يكون بعيد تماما عن السلطه .
فيجب أن تشكل لجنه من كبار الكتاب والعلماء في كافة المجالات ومن كبار رجال القانون والفكر والشخصيات العامه على كافة إتجاهاتها ( على نمط المركز الإستراتيجي للأهرام ) وتقدم هذه اللجنه ( بعد متابعه طول العام  ) بالإجتماع سنويا مره واحده تسجل في هذا الاجتماع تحدد النقاط الأساسيه لما حدث في خلال هذا العام وتقيمها الموضوعي له .
فيكون هذا السجل هو النبراس الذي يبني عليها التاريخ للأمة في هذه الفتره ويجب أن يتحرى فيها الحياد والموضوعيه
ولنسمي هذه اللجنه ( لجنة تسجيل تاريخ الأمة )
والله الموفق 
التاريخ الصادق يسجل