شريط البيبي سي

الأحد، 28 يوليو 2013

مفارقات انقلابية



http://fj-p.com/inx/GfX/logo.png

 
كتبه : عبد الحكيم الشامى
 2013-07-27

إليكم عددا من المفارقات "الانقلابية"، بعضها يثير الضحك وبعضها يثير البكاء، وأخرى تدعو للرثاء، فلنتأمل:
  • وزير دفاع رقّاه الرئيس الشرعى المنتخب من رتبة لواء إلى رتبة فريق أول، فينقلب الوزير على رئيسه الأعلى الذى أقسم أمامه يمين الولاء، ويعين مكانه شخصا آخر غير ذى صفة رئيسا للبلاد دون تفويض من أحد، ثم يعين الرئيس "الطرطور" الوزير نفسه ويرقيه إلى نائب رئيس وزراء، ثم يقسم هذا الأخير أمام من عينه.. شخبطة صبيانية لا تحدث فى بلاد تركب الأفيال.
  • وزير الدفاع يصلى الجمعة وسط حراسة مشددة، والرئيس غائب عن المشهد، ربما لأنه لا يصلى ومن ثم لم يجد طاقم التليفزيون ما ينقله، أو لأن السيسى هو الحاكم الفعلى للبلاد.
  • أكد السيسى أنه الحاكم الفعلى عندما طلب من "الشعب المؤيد" للانقلاب النزول إلى الشوارع لإعطائه تفويضا بقتل أغلبية الشعب المؤيد للشرعية.
  • المتحدث العسكرى اعتبر أن دعوة السيسى للاحتراب الأهلى لا تتناقض مع دعوة المصالحة التى انعقدت أولى جلساتها فى الوقت نفسه الذى ألقى فيه السيسى خطابه التحريضى، مع ملاحظة أن حضور جلسة المصالحة كان معظمهم من مؤيدى الانقلاب وليس فيها من يمثل الشرعية، أى كانوا يصالحون أنفسهم.
  • المصلون والمتظاهرون السلميون يقتلهم الجيش والشرطة والبلطجية بدم بارد، باعتبارهم "إرهابيين"، والإرهابيون الحقيقيون الذين روعوا الناس وقتلوهم فى الشوارع وهم سجود مواطنون صالحون يقفون مع جيشهم وشرطتهم لحماية الدولة وتحقيق الاستقرار.
  • ظلت المظاهرات والمليونيات "الإنقاذية" وأعمال الحرق والتخريب والبلطجة ضد مؤسسات الحكم والدوائر القريبة منها على مدى عام كامل، وتمت المتاجرة بحوادث فردية لتشويه صورة مؤسسة الرئاسة الشرعية ووصفها بالدكتاتورية، والآن يمارس القتل على الهوية ضد أنصار الرئيس وبأعداد كبيرة دون أن يهتز لأى من المخربين جفن.
  • السيسى يعتبر أن "بلاك بلوك" والمخربين "ثوارا" وحشود التحرير المصطنعة "شعب"، أما الثوار الحقيقيون فهم -فى نظره- إرهابيون يستحقون القتل والمحو من على وجه الأرض، ومن يتعاطف مع الشرعية ليس بـ"شعب".
  • السيسى فى بيان الانقلاب كرر ما قاله الرئيس الدكتور محمد مرسى حول المصالحة الوطنية والتعديلات الدستورية، ثم أضاف إلى ذلك عزل الرئيس وتعطيل الدستور وحل الشورى، ما يعنى أن القضية تتعلق بشخص الرئيس وانتمائه والتوجه الجديد للدولة، وليس بمبادئ أو مطالب مشروعة، وهذا ما اعترف به السيسى خلال خطابه التحريضى الأخير عندما قال: إن المشروع الإسلامى لا يناسب مصر ولن ينجح فى قيادتها.
  • كل مؤيدى الانقلاب من قادة "جبهة الخراب" و تمرد المصطنعة وأتباع الكنيسة شربوا المقلب وأدركوا الآن أن العسكر اتخذوهم "قنطرة" للسيطرة على الحكم والتمكن من مفاصل الدولة، ولا أحد منهم يستطيع الآن أن ينطق بكلمة معترضا على ما يحدث، خشية أن يحاسب ويقصى من المشهد، أو خوفا من "الشماتة".
  • تفجير هنا وترويع هناك واستهداف منشآت ومؤسسات حيوية، ثم إلصاق التهم بالإسلاميين ووصمهم بالإرهاب، بهذا عادت من جديد الحيل المكشوفة لجهاز أمن الدولة، وبدأنا مسلسلا جديدا من التخريب الممنهج للدولة وتمكين الشرطة مجددا من رقاب العباد، وفى النهاية ما زال بيننا من يقول: "إن ما حدث من السيسى ليس انقلابا"!
  • بلطجية يهاجمون المسيرات والمعتصمين المدافعين عن الشرعية فى الميادين، ويقتلون ويصيبون، ثم يخرج إعلام الكذب والخيانة ليقول: سقوط قتلى وجرحى فى اشتباكات بين مؤيدى مرسى ومعارضيه، أو بين الأهالى والإخوان المسلمين، فلماذا يذهب "الأهالى" المزعومون إلى المعتصمين ولماذا يشتبكون؟.. لعبة قديمة فجة وساذجة ولا تنطلى على عاقل.
  • بعد كل اشتباك مزعوم نجد أن القتلى والجرحى فقط من مؤيدى الشرعية والرئيس مرسى، فكيف تسمى اشتباكات.. وأين خسائر الطرف الآخر؟
  • الداخلية تقوم بواجبها على أكمل وجه فى حماية المتظاهرين السلميين العزل، بتمكين البلطجية من الهجوم عليهم، وإطلاق الرصاص الحى والخرطوش من أفراد وأقسام الشرطة لإيقاع أكبر عدد من القتلى والجرحى، فعلا "الشرطة فى خدمة الشعب".
 تعليق المدون :

كوميديا مصر الباكيه.
التاريخ يسجل

تحالف الليبراليين والعسكر

بوابة الشروق

 

 

أحمد منصور | نشر فى : السبت 27 يوليو 2013

لم يستطع العسكر حكم مصر طيلة ما يقرب من ستين عاما إلا بتحالفهم مع التيار الليبرالى العلمانى الذى كان يمثل الواجهة المزيفة لحكم البيادة والبزة العسكرية، وإذا رجعنا لنظام الحكم خلال الستين عاما الماضية نجد أن نسبة عالية من الوظائف الرئيسية فى الدولة فى جميع المجالات .

بما فيها كل وزارات الدولة وعلى رأسها وزارات الخارجية والحكم المحلى والإسكان والجمارك واستصلاح الأراضى والزارعة والصناعة علاوة على مديرى مكاتب الوزراء ووكلاء الوزارات والمسئولين فى إدارة مجالس الشعب والشورى، ورؤساء مجالس إدارة الشركات والمؤسسات وقطاعات كبيرة من مفاصل الدولة كانت فى يد آلاف الضباط الذين أنهوا الشق الأول من وظائفهم داخل القوات المسلحة ثم انتقلوا إلى الوظائف المدنية كل على حسب قربه ومكانته.

هذا النظام الأساسى جعل من مصر منذ العام 1952 وحتى الآن جمهورية الضباط والعسكر وهذا النظام كان متداخلا مع تحالف من المدنيين الانتهازيين من اليساريين والليبراليين الذين كانوا يتولون الوظائف المساعدة بمن فيها الوزراء.

وهذا ما أدى إلى هجرة قطاع هائل من العقول المصرية غير المسيسة طيلة الستين عاما الماضية خارج مصر لأن نظام الحكم كان مختطفا من هاتين الفئتين ولا يسمح بدخول آخرين إلى منظومة الحكم، فيما كان الإسلاميون هم العدو اللدود للنظام لأسباب كثيرة ولم يسمح لهم بالاقتراب من أى من تلك الوظائف الرئيسية بل حتى البسيطة لأن أمن الدولة باختصار كان يعطى الموافقة على تعيين أى موظف فى الدولة بدءا من الفراش وحتى معيد الجامعة.

لذلك حينما قامت ثورة الخامس والعشرين من يناير وكان شباب مصر هم رأس حربتها والشعب المصرى جسدها بكل أطيافه وجد الجميع فرصة لهذه الثورة لكى تعيد الأمور إلى نصابها، وأن يستعيد الشعب سيادته على قراره ومصيره.

أما الطيف العلمانى الليبرالى المتحالف مع جمهورية العسكر فقد ظل يدافع إلى آخر لحظة عن النظام الذى لم يجد بدا من التضحية بمبارك حتى تبقى الدولة والنظام بل إن كثيرا من هؤلاء حينما سقط رأس النظام ركبوا موجة الثورة ثم التفوا عليها بل أظهروا ولاء للشعب وخياراته ودعموا ذهاب الشعب للصناديق خمس مرات فى استفتاءات وانتخابات برلمانية ورئاسية ودستور جديد بل ورئيس كانوا يؤدون له التحية ويظهرون له الولاء وقد خدع الرئيس بمظاهر السلطة ولم يتمكن من أدواتها كما قلت من قبل حيث كان يدور وراء الكواليس من هؤلاء غير ما كانوا يظهرونه له .

ودليل ذلك ما حدث من بعد وما كشفته صحيفة «وول ستريت جورنال» أن خطة ترتيب الانقلاب بين العسكر والليبراليين استمرت ستة أشهر وحينما شعر هؤلاء أن جمهوريتهم مهددة وأن الدولة العميقة يمكن أن تتفكك سارعوا باستعادة كل شىء عبر انقلاب عسكرى كامل الأركان فى الثلاثين من يونيو يدعمهم حلفاؤهم من التيار العلمانى الليبرالى مع أركان الدولة العميقة ورجال مبارك وعلى رأسهم الإعلاميون الذين يقودون كتيبة التضليل والتزييف والأكاذيب.

وكشف كل عن وجهه، وأصبحنا نسمع من رجال كنا نعتقد أنهم من ذوى الرأى والفكر تضليلا وتزييفا ومديحا للعسكر وتبريرا للانقلاب وسرعان ما اندفع قسم منهم للمناصب وقسم ينتظر أو يبالغ فى الولاء ليحظى بمنصب مغتصب أو امتيازات زائلة، إن هذا التحالف يسعى لتقويض المكتسبات الأساسية التى حققتها ثورة 25 يناير وعلى رأسها الانتخابات والدستور وثقافة صندوق الانتخاب بشكل أساسى لكنه لن يقضى على الثورة التى ربما تطول مسيرتها وتزداد تضحياتها حتى تحقق أهدافها ويعود العسكر إلى ثكناتهم ليوجهوا أسلحتهم إلى أعداء الوطن وليس إلى صدور الشعب.

رأي المدون :
سيكتب التاريخ عن مدى حجم التآمر ضد الرئيس المنتحب د. محمد مرسي من كل الجهات الرسميه والغير رسميه في الدولة المصريه لكي لا يكمل مدته الرئاسيه .

الأحد، 21 يوليو 2013

خوف على الحاضر والمستقبل


الأحد | 7/21/2013 08:12:00 ص

فهمي هويدي يكتب: الشروق


في الأسبوع الماضي تناقلت وسائل الإعلام الغربية محتويات تقريرين منفصلين صدرا عن مذبحة الحرس الجمهوري الأخيرة.


التقريران أحدهما أصدرته في 17/7 منظمة هيومان رايتس ووتش الأمريكية،والثاني نشرته صحيفة الجارديان البريطانية في 18/7.

وما يلفت النظر فيهما أنهما سجلا وقائع ما جرى بالساعة والدقيقة،كما أنهما تابعا التفاصيل وتحققا منها من خلال تسجيل أقوال الشهود والأطباء والضحايا،ومن خلال الأشرطة والصور التي التقطها البعض لما جرى.

ورغم المعلومات الموثقة والخطيرة التي تضمنها التقريران فإن الصحف المصرية تجاهلتهما، باستثناء موقع «الشروق» الذي نشر تلخيصا وافيا لتقرير منظمة هيومان رايتش ووتش.

الخلاصات التي توصل إليها التقريران غاية في الأهمية، لأنهما اتفقا على تكذيب الرواية الرسمية المصرية التي تحدثت عن أن سبب الاشتباك راجع إلى قيام مجموعة إرهابية مسلحة بمحاولة اقتحام مقر الحرس الجمهوري.

وأكدا أن قصة المحاولة لا أساس لها من الصحة، وأن الصحيح غير ذلك تماما،لأن المعتصمين أمام مقر الحرس الجمهوري كانوا يؤدون صلاة الفجر، وان 12 مدرعة، وأعدادا كبيرة من جنود الأمن المركزي حاصرت المكان وأطلقت النيران على المصلين، الأمر الذي أدى إلى قتل 51 شخصا، وجرح عدة مئات منهم.
وقد اعتبرت هيومان رايتس ووتش ان ذلك الحادث يعد الأكثر دموية منذ عصر مبارك.

مما اتفق عليه التقريران أيضا ان التحقيقات التي أعلن رسميا عن إجرائها في ملابسات الحادث لا يطمئن إلى مسارها، لأنها تجرى بواسطة السلطات التي استبقت وقدمت رواية لم تثبت صحتها لما جرى،فضلا عن ان القضية إذا نظرت فستكون بين أيدي القضاء العسكري الذي سيتحرك في نفس الحدود،الأمر الذي يعني أن المذبحة ستطمس معالمها ولن يمكن الرأي العام المصري من التعرف على الحقيقة فيها.

يقشعر بدن المرء وهو يطالع التفاصيل المنشورة، ولا يفارقه الخوف بعد ان ينتهي من قراءتها.

 وإذا سألتني كيف ولماذا، فردي كالتالي:

- إن الحادث بحد ذاته يبعث على الخوف الشديد، حتى أزعم أنه سيشكل صفحة سوداء في سجل القائمين على الأمر في البلاد يتعذر محوها أو نسيانها.

ذلك ان ما حدث أمام مقر الحرس الجمهوري أكثر جسامة وأسوأ بكثير من أحداث شارع محمد محمود أو مقتلة ماسبيرو،
في الحالتين كان المتظاهرون يتبادلون الاشتباك مع الشرطة والجيش، ثم ان ضحايا أحداث محمد محمود التي استمرت ستة أيام نحو خمسين قتيلا
أما مقتلة ماسبيرو فإن ضحاياها كانوا أكثر من عشرين شخصا.

أما في مذبحة الحرس الجمهوري فإنها لم تكن نتيجة اشتباك بين المتظاهرين والحرس كما ذكر التقريران اللذان سبقت الإشارة إليهما،
وإنما كان ضحاياها من المتظاهرين السلميين والعزل المعتصمين أمام مقر الحرس، وقتلاهم الذين بلغ عددهم 51 شخصا سقطوا خلال ثلاث أو أربع ساعات فقط.

- تخيفنا أيضا ردود أفعال النخبة المصرية الليبرالية، بما في ذلك منظمات حقوق الإنسان التي كان غاية ما ذهب إليها بعضها أنها انتقدت «الاستخدام المفرط للقوة»، دون أن تتبنى إدانة واضحة للجريمة البشعة.

وسواء كان ذلك راجعا إلى النقص في المعلومات وعدم بذل الجهد الكافي للتحقق من الوقائع،أو كان راجعا إلى الشماتة والكراهية التي دفعت البعض إلى اعتبار ما جرى جهدا إيجابيا يحقق للإقصاء غايته، فالشاهد أن الحدث تم تمريره وأصبح معرضا للتهوين والطمس.

ولولا شهادات جهات مثل هيومان رايتس ووتش وصحيفة الجارديان لطويت صفحة المجزرة ولغرقت في بحر النسيات،
 وإذا صح ذلك التحليل فإنه يعني ان حملة البغض والكراهية لم تعمق من الاستقطاب فحسب،وإنما أثرت سلبا على المشاعر الإنسانية ونالت من نقاء الضمير لدى أغلب عناصر النخبة.

يخوفنا ما جرى أيضا من زاوية أخرى، لأن السلطة التي أصدرت الأمر بارتكاب المذبحة، والتي حاولت تغطيها ببيانات وروايات غير صحيحة، وحين سعت إلى طمس معالمها وراهنت على ضعف ذاكرة الناس، هذه السلطة هي المؤتمنة على ترتيب أوضاع مستقبل الوضع المستجد في مصر.

أعني أنه في ظلها سيعدل الدستور أو يكتب من جديد،وفي ظلها ستجرى الانتخابات البرلمانية والرئاسية.

 وإذا كان ذلك سلوكها في تعاملها الذي لم يكن أمينا ولا نزيها في مذبحة الحرس الجمهوري،فهل نطمئن إلى استقامة سلوكها في التعامل مع بقية الملفات المصيرية الأخرى.

وإذا كانت قد واتتها الجرأة على قتل أكثر من خمسين مواطنا مصريا في ساعة الفجر فهل تستبعد منها عبثا في الدستور أو تلاعبا وتزويرا في الانتخابات؟

إن الخوف مما جرى في مذبحة الحرس الجمهوري لا يقلقنا على الحاضر فحسب، ولكنه يقلقنا أيضا على المستقبل.

رأي المدون :
إستخدم محرك البحث ( جوجل ) في البحث عن ضابط الحرس الجمهوري قاتل المتظاهرين
اترى العجب
1- فيلم مدته 30 دقيقة يبين الهجوم على المصليين في الفجر
2- الضابط قاتل المصور الصحفي أحمد عاصم وهو يقتله
3- الضابط قاتل المتظاهرين كالعصافير صباحاً أمام الحرس الجمهوري
4- ضابط الحرس الجمهوري الذي رفض إطلاق النار على المدنيين ورصاصة في رأسه
5- راكب موتوسيكل يضرب في ظهره وهو يمر أمام الحرس الجمهوري
شاهد وكن حكم عدل واعرف من سوف يحكمنا في الفتره القادمة
شاهد قبل الحذف
أرفض التعليق حتى أطمئن على نفاذ الشرائط اللاصقة على الأفواه من الأجزخانات
التاريخ يسجل

الخميس، 18 يوليو 2013

فهمي هويدي يكتب: انتصار لزمن الفرجة

  الخميس 18 يوليو 2013 - 8:00 ص
فى يوم 30 يونيو كتبت مصر فصلا مثيرا فى حوليات زمن الفرجة، وقدمت دليلا ناصعا على ان الصورة لم تعد تشكل الإدراك فحسب، وانما صارت تصنع التاريخ أيضا. وزمن الفرجة كما قد يتذكر البعض عنوان شغل بعض الباحثين الغربيين فى السنوات الأخيرة، التى حققت فيها ثورة الاتصال قفزاتها الكبيرة، بحيث استطاعت ان تحكم سيطرتها على الادراك العام، على نحو جعله يتشكل فى ضوء ما يتلقاه السمع والبصر، وليس تبعا لمقتضى العقل. وكنت قد تعرضت للموضوع فى مقالة نشرت فى 18 ديسمبر من العام الماضى تحت عنوان: الصراع فى زمن الفرجة. أشرت فى ثناياه إلى كتاب «حضارة الفرجة» الذى أصدره أحد المثقفين فى بيرو بأمريكا اللاتينية (ماريو فارجاس يوسا)، وشرح فيه فكرته فى ان المجتمع الحديث أصبح اسير أدوات ثورة الاتصال، التى باتت قادرة على صنع الرموز وإيداع القيم وإعادة تشكيل حقائق الحياة، الأمر الذى أدى إلى تراجع السمع والبصر وتراجع دور العقل حتى أصبحت قيمة المفكر تقاس بمقدار مسايرته لهذه الموضة، التى تحوله فى نهاية المطاف إلى مهرج، على حد تعبيره.
ما حدث فى 30 يونيو والتداعيات التى ترتبت عليه قدم دليلا جديدا على قوة حضارة الفرجة وسلطانها. إذ حين خرجت الحشود فى ذلك اليوم ملبية نداء حركة «تمرد» الذى اصطفت حوله المعارضة، وتولت تسويقه القنوات الفضائية طوال الأسابيع التى سبقت ذلك التاريخ، فإن الكاميرات تابعت الحشود وحرصت على تصوير مسيراتها، تحت الاستعانة بطائرات القوات المسلحة لالتقاط الصور من الجو. وتعددت الروايات التى قدرت أعداد الخارجين بنحو 14 مليونا مرة و20 مليونا مرة ثانية. وأوصل البعض الرقم إلى أكثر من ثلاثين مليونا. وهذه التقديرات المستندة إلى كثافة الحشود سوغت لكثيرين ان يقولوا ان مصر كلها خرجت مطالبة برحيل الدكتور محمد مرسى. تحدثت بعض التقارير الصحفية عن ان ما شهدته مصر يومذاك كان الاحتجاجات الأكبر فى تاريخ البشرية. وحين دخلت القوات المسلحة على الخط فإن البيان الذى أصدرته اتكأ على هذه الخلفية وقال ان شعب مصر نادى بصوته الجهورى وملايينه التى خرجت إلى الشوارع، وان كل ما فعلته تلك القوات انها لبت النداء، حيث ما كان للجيش ان يخذل الشعب.
حين تراجع الانفعال وذهبت السكرة ظهرت أصوات دعت إلى إعادة النظر فى تلك الانطباعات. وبث موقع الـ«بى بى سى» فى 16/7 تقريرا ناقش الأرقام التى تم تداولها فى 30 يونيو والأيام التى أعقبته. وكان الشىء الوحيد الذى لم تراجعه ان الذى جرى فى مصر هو انقلاب عسكرى حظى بدعم شعبى، فى نفس الوقت، فإنها اعتبرت القول بأن الاحتجاجات هى الأكبر فى تاريخ البشرية من قبيل المزاعم التى يتعذر التسليم بها، واستندت إلى آراء عدد من الخبراء الذين قرروا ان ثمة تلاعبا واضحا ومفهوما فى الأرقام، لأن من الطبيعى فى هذه الحالة ان يؤكد أصحاب المصلحة على ان الجماهير والميادين كلها تدعمهم. ولذلك فإنه يعمدون إلى المبالغة فى تقدير مؤيديهم. من ثم فإن إحصاء الأرقام أصبح مرتبطا بالدعاية وتسجيل النقاط وليس الهدف منه الوصول إلى الحقيقة ــ وفى ثنايا التقرير ذكرت الـ«بى بى سى» ان طاقة استيعاب ميدان التحرير لا تكاد تتجاوز 500 ألف شخص.
بالتزامن مع ذلك تلقيت فى بريدى الإلكترونى خلاصة دراسة أجراها فى مصر خبير الاتصالات والإلكترونيات فى مصر المهندس أمجد المنذر، الذى انزل إسقاطا لميدان التحرير والشوارع المتفرعة عنه، وذلك عن طريق التطبيق المعروف بـ«جوجل إيرث». ثم قام بقياس مساحة الميدان وجميع الشوارع التى ظهرت مليئة بالبشر فى فيلم مخرج السينما وعضو جبهة الإنقاذ، الذى صوره مستعينا فى ذلك بإحدى طائرات القوات المسلحة. وجد صاحبنا ان مساحة الميدان نحو 50 ألف متر مربع، وهى تعادل تقريبا مجموع مساحات الشوارع المتفرعة عنه حتى كوبرى قصر النيل، بما يعنى ان مجمل المساحة التى تم تصويرها قرابة مائة ألف متر مربع. وقال فى تحليله انه مع افتراض انه لا يمكن ان يجتمع أكثر من أربعة أشخاص فى المتر المربع الواحد، ومع افتراض ان الكثافة كانت متحققة فى جميع الأماكن، فذلك يعنى ان الذين خرجوا فى القاهرة يوم 30/6 لا يمكن ان يتجاوز 400 ألف شخص. ومع افتراض ان الذين تظاهروا فى المحافظات الأخرى بنفس العدد أو أكثر قليلا، فمعنى ذلك ان مجموع الذين خرجوا فى ذلك اليوم لا يمكن ان يتجاوز عددهم مليون شخص أو أكثر قليلا. ورغم ان تلك هى الحقيقة العلمية إلا ان الصورة جعلتهم 30 مليونا. وذلك أكبر انتصار لزمن الفرجة الذى كان يمكن أن نخرج من متاهته لو أتيح لنا أن نحسم الأمر عبر الصناديق

تعليق المدون :
سوف أعلق بعدما ينفذ الشريط اللاصق من الأجزخانات

التاريخ يسجل