شريط البيبي سي

السبت، 28 ديسمبر 2013

هل نسقط فى فخ الحرب الأهلية؟

مصطفى النجار الشروق 27/12/2013
فى مدينة المنصورة وأثناء تشييع جنازة شهداء التفجير الارهابى بمديرية الأمن قام بعض المواطنين بحرق سيارة اعتقدوا أنها ملك لشخص يسكن فى العمارة التى تقف أمامها السيارة وقيل إن هذا الشخص رفع لهم يديه بعلامة رابعة بينما كانوا يرفعون هم صورة الفريق السيسى وأسرعت سيارة الاطفاء لإخماد النار المشتعلة بالسيارة لكن منع هؤلاء المواطنون السيارة التى تراجعت بالفعل تحت تهديدهم وظلت السيارة تشتعل وحولها مجموعات تهلل وتتقافز بفرح حول السيارة المحترقة وقام أحدهم برفع علم مصر على عصا طويلة ثبت فيها صورة للسيسى فى نفس الوقت تحركت مجموعات أخرى لتهاجم سلسلة محلات مواد غذائية قالوا انها قريبة من الإخوان وقاموا بنهبها وسرقة محتوياتها ثم إضرام النار بها.

فى نفس الوقت كتب أحد نشطاء الإخوان على صفحته بموقع الفيس بوك (إن ميليشيات ساويرس التى توعدنا بها تقوم الآن باقتحام بيوت إخواننا المسلمين فى المنصورة ومحافظات أخرى لن يرتدع هؤلاء إلا بإعلان الجهاد ومواجهتهم والتخلى عن فكرة السلمية الساذجة التى تسببت فى هذا الهوان الذى تتعرض له نساؤنا وأعراضنا).

على جانب آخر كتبت صفحة (الشرطة المصرية) على الفيس بوك وهى صفحة تصف نفسها أنها (صفحة غير رسمية يديرها بعض ضباط الشرطة العاملين) ويتابعها ما يقرب من مليون شخص كتبت تحرض على مهاجمة سلسلة محلات سوبر ماركت مملوكة لأحد قيادات الإخوان فى مدينة نصر.

بينما كانت تعليقات عدد من شباب الإخوان على حادث المنصورة تعلوها الشماتة وكتب أحدهم (قتلانا فى الجنة وقتلاهم فى النار) وكتب آخر اللهم احرق قلوبهم كما أحرقوا قلوبنا فى رابعة، بينما كتبت فتاة إخوانية (كل ما يحدث والإخوان يرفضون حمل السلاح فكيف اذا حمل الإخوان السلاح وخرجوا يدافعون به عن انفسهم فى كل شبر فى مصر اذا كانوا يريدونها حربا أهلية فليعلموا أن هناك آلاف النساء والبنات يردن الشهادة قبل الرجال وسيرون بأسنا ألا لعنة الله على الظالمين)!!

•••

تداول عدد من المواقع الاخبارية أنباء عن هجوم على محلات وشركات وشقق تابعة للإخوان فى المحلة وحرق مركز للتنمية البشرية مملوك لأحد قيادات الإخوان فى دمياط واشتباكات فى أماكن أخرى.

أما وسائل الإعلام فقد تورط كثير منها فى جرعة تحريض مكثفة وحكى صديق لى عن مداخلة هاتفية سمعها على إحدى الاذاعات المحلية حيث قال المتصل للمذيع (إحنا خلاص هنخلص على الارهاب بإيدينا وهنقتلهم فى أى حتة نشوفهم فيها مش هنستنى الحكومة المرتعشة دى تحارب الارهاب فرد عليه المذيع: معاك حق والله إحنا نحمى نفسنا بنفسنا خلاص ماحدش هينفعنا ولا هيحمينا)!

•••

لا شك أن جريمة تفجير مديرية الأمن بالمنصورة مأساة مفجعة أحرقت قلوبنا وأثارت الغضب تجاه القتلة الذين نفذوها وتجاه السلطة الهشة التى عجزت عن حماية الأمن داخل مقراتها ذاتها ووسط مدينة سكنية مكتظة بالسكان مثل المنصورة، وصول هذا الكم من المتفجرات النوعية الى داخل المدن يعنى أن الخوف سينتشر فى نفوس الناس لأن أى شخص قد يتخيل نفسه أشلاء فى أى لحظة ولكن هذا لا يعنى أن تغيب الدولة ويقرر المواطنون عقاب بعضهم البعض.

الأخطر من هذا الحادث الإرهابى هو أننا صرنا نعيش فى حرب أهلية صامتة لا يهتم بها أحد وتحدث موجات متعددة منها فى محافظات مختلفة وكل حادثة فيها تمثل فتيلا قابلا للاشتعال، وكلما زادت لغة التحريض فى الإعلام الرسمى والخاص وكذلك الاعلام المضاد التابع للإخوان كلما كنا أقرب الى حدوث المواجهة الشاملة التى لن تبقى ولن تذر.

يجب ألا تخضع الدولة لابتزاز الإرهاب ويجب أن تواجهه بكل قوة وحسم دون أن تتجاوز القانون لكن فى نفس الوقت يجب أن ندرك أن هناك فخا منصوبا لمصر من أطراف مختلفة تسكب الزيت على النار لتشتعل مصر بحرب أهلية طاحنة تمزق مصر وتفتح الباب لتقسيمها.

أنا لا أتحدث عن خيالات ولا أوهام وإنما أنظر للتاريخ وتجارب من سبقونا لأجد أننا بالفعل على حافة الهاوية وحينها ستفقد السلطة المركزية سيطرتها على الأمور ويصبح المجتمع خاضعا لشريعة الغاب، سقوط الدولة خط أحمر مهما كانت اختلافاتنا السياسية يجب أن نتوحد على تماسك الدولة ووحدتها مهما كان اختلافنا مع النظام الحاكم.

•••

نرفض نموذج اللا دولة واللا نظام الذى يدفعنا بعضهم إليه، مصر لا تحتمل هذه المغامرات والمسئولية تقع على من فى السلطة ومن خارجها، كل يوم تتصاعد فيه الكراهية وتحتقن النفوس بالثأر ويشعر الكثيرون بالظلم ومع غياب العدالة الناجزة يصل هؤلاء الى الكفر بكل شىء والرغبة فى الانتقام من كل شىء.

تجار الدم وأمراء الحروب ليسوا تجار السلاح فقط بل منهم بعض الاعلاميين الذين يمهدون الطريق لحرق مصر عبر خطابهم المتدنى الممتلئ بالكراهية العشوائية والتخوين والتشكيك والشيطنة.

انتهى زمن المصالحة السياسية وماتت فرصته تماما لكن المصالحة المجتمعية بين المصريين لا يمكن أن نتخطاها لأنها صمام أمان هذا الوطن، انزعوا الكراهية من قلوب الناس وانشروا العدل وارفعوا الظلم وأقيموا القانون واحترموا الانسان قبل أن يكفر بكم الانسان، لا تتهاونوا فى ملاحقة المجرمين والارهابيين فأمن المصريين لا يقبل المساومة.

حصنوا الدولة بالعدل وأخرسوا أصوات التحريض فهى تأخذنا الى الدمار ومزيد من الدم، أطفئوا نار الفتنة فقد اندلعت ألسنتها واقتربت منا تلفح مستقبلنا، مصر فى خطر حقيقى وعلى كل من به ذرة وطنية أن يدرك أن الوطن يصرخ وهو يرى أبناءه يحرقون مستقبله بأيديهم عمدا أو جهلا أو عنادا حفظ الله مصر.
رأي المدون : نعم أعيد حملة حصنوا الدولة بالعدل وأخرسوا أصوات التحريض

التاريخ يسجل

الثلاثاء، 24 ديسمبر 2013

صناعة الفرعون ... وزير الدفاع الذي لا يعينه رئيس الدولة ؟



تحريرا في 24/12/2013  
مشروع الدستور حدث سياسى.. وليس عملًا قانونيًا .
تحدث المستشار / طارق البشري في جريدة الشروق صفحة 15 يوم 18/12/2013 في الجزء الرابع عن الآتي :
ويبقى ما هو أخطر من ذلك كله، فى ترتيب مؤسسات الدولة، فإن القوات المسلحة قد اكتسبت فى هذا المشروع المطروح استقلالا يكاد يكون كاملا عن مؤسسات الدولة الأخرى.
فنحن إن قارنا بين دساتيرنا فى التاريخ المعاصر، وبخاصة الدساتير الثلاثة الأخيرة، وهى دستور 1971 ودستور 2012 والمشروع المطروح حاليا. نلحظ أن دستور 1971 كان يشير إلى القوات المسلحة فى إطار المهام الخاصة بوظيفتها، ولكنه وما سبقه كان يضعها جزءا من الدولة بمؤسساتها المتعددة، جزءا لا ينفصل ولا يستقل عن الهياكل الكلية للدولة. ثم جاء دستور 2012 ليضع القوات المسلحة فى موقف متميز من حيث الاستقلالية التنظيمية والمالية والمؤسسية. ثم جاء المشروع الأخير المطروح ليضعها فى وضع استقلال كلى عن أجهزة الدولة ونظمها وتشكيلاتها المؤسسية، بما لا أعرف له سابقة عندنا.
فبعد ان تنص المادة 200 على الحكم التقليدى المتكرر من أنها ملك للشعب مهمتها حماية أمنه، ومع حظر إنشاء أى تشكيلات عسكرية لأى فرد أو جماعة أو هيئة. بعد هذا الحكم يرد بالمادة 201 ما يوجب أن يكون وزير الدفاع الذى هو القائد العام للقوات المسلحة معينا من ضباط الجيش، ثم يأتى تشكيل مجلس الدفاع الوطنى من ستة أعضاء مدنيين (منهم رئيس الجمهورية) وثمانية أعضاء عسكريين بحكم وظائفهم. وهو الجهة التى تناقش الميزانية ويجب أخذ رأيها فى مشروعات القوانين الخاصة بالجيش. ونحن هنا لا نعترض على حكم محدد، ولكن نحاول ان نبين الصورة العامة لهذه الهيئة فى علاقتها بهيئات الدولة ومؤسساتها. فإن مدى الاستقلالية يتراءى من جماع الاستقلالية التنظيمية فى التعيين فى الوظائف القيادية ومن استقلالها المالى ومن الاستقلال القضائى، ومن ذلك كله مجتمعا.
ويرد نصا المادتين 402، 204، أولهما ينشئ لجانا قضائية خاصة بضباط وجنود القوات المسلحة تختص دون غيرها بالفصل فى كل المنازعات الإدارية الخاصة بهم، وهو نص دستورى مستحدث، وثانيهما يورد حكم القضاء العسكرى كجهة قضائية مستقلة للفصل فى كل الجرائم المتصلة بالقوات المسلحة وضباطها وأفرادها، وأفراد المخابرات العامة أثناء أداء الخدمة وبسببها. ثم أخضع المدنيين للقضاء العسكرى فى جرائم الاعتداء المباشر على المنشآت والمعسكرات ومناطق الحدود والمعدات والمركبات والأسلحة والذخائر والوثائق السرية والأموال العامة والمصانع الحربية والتجنيد، والجرائم التى تمثل اعتداء مباشرا على ضباطها وأفرادها بسبب تأدية أعمال وظائفهم، أى يخضع المدنيون للقضاء العسكرى فى كل تعامل لهم مع العسكريين.
ثم يرد فى الأحكام الانتقالية نص المادة 234 «يكون تعيين وزير الدفاع بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وتسرى أحكام هذه المادة لمدتين رئاسيتين كاملتين اعتبارا من تاريخ العمل بالدستور». أى أن يكون تعيين القائد العام الوزير تعيينا ذاتيا لمدتين لرئيس الجمهورية كل منهما أربع سنوات.
وبهذا تتكامل الاستقلالية الانفصالية للهيئة بالتعيين الذاتى للقيادة ذات السيطرة وبالاستقلال المالى وبالانفصال القضائى. والقوات المسلحة من الناحية الدستورية ليست سلطة سياسية قائمة بذاتها مثل السلطة التشريعية أو السلطة القضائية. بل انها تشكل عمود الارتكاز فى الدولة وهى الجوهر الأساسى للسلطة التنفيذية، لما تحتكره دون غيرها من وسائل العنف المشروع. هى تستقل بنص مشروع الدستور عن أجهزة الدولة التنفيذية ورئاسة الجمهورية بوصفها رئاسة للدولة. وذلك لمدة ثمانى سنوات على الأقل وهو مجموع المدتين الرئاسيتين الكاملتين اللتين أوردتهما المادة 234 من المشروع الدستورى. ونقول «على الأقل» لأنه إذا انتهت إحدى المدتين الرئاسيتين الأوليين فى أقل من أربع سنوات بسبب طارئ كوفاة أو استقالة فلن تكون مدة كاملة ولن تحسب ضمن المدتين اللتين أوردتهما المادة المذكورة بقولها «مدتين رئاسيتين كاملتين».
وهذا النص يؤكد أن ما جرى فى 3 يوليو 2013 هو انقلاب عسكرى، لأن وزير الدفاع المشار إليه فى النص ورئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، هو ذاته وزير الدفاع ورئيس هذا المجلس الأعلى الذى عين رئيس الجمهورية المؤقت فى 3 يوليو ومنحه سلطة إصدار بيان دستورى يحل محل دستور 2012 الذى أوقفه، واستبقى لنفسه منصب وزير الدفاع فى الوزارة التى عينها رئيس الجمهورية المؤقت.
ولنا أن ننظر فى المستقبل القريب فى الشهور القليلة القادمة بعد الاستفتاء بنعم على «مشروع الدستور»، فإن كل من سيتولى فيه منصبا رئاسيا أو قياديا أو وزاريا فى سلطته التنفيذية هو الآن فى علم الغيب بالنسبة لنا لا نعرفه، وكل من سيتكون منهم المجلس النيابى من أعضاء يشكلون السلطة التشريعية هو فى علم الغيب لنا الآن لا نعرفه. وكل ذلك مجهول ومتغير ومحتمل، وذلك فيما عدا وزير الدفاع القائد العام للقوات المسلحة، فهو بنص الدستور يشكل القطب الثابت غير المتغير الذى تدور حوله الأحداث. وبهذا الوصف تعلو قامته السياسية على عناصر أجهزة الدولة جميعا ورجالها كلهم. أو بمعنى آخر تتساوى قامته مع أكبر كبير منهم، لأنه لم يعنيه رئيس الدولة القادمة وهو رأس السلطة التنفيذية، ولم يعنيه مجلس نيابى وهو المكون للسلطة التشريعية، والسلطة القضائية طبعا لا تعين أحدا.
وأكثر من ذلك فهو يشغل وظيفة ذات استقلالية إدارية وتنظيمية ومالية. ومن ثم يكون أكثر ثباتا من رئيس الدولة الذى يشغل منصبه بعد ذلك بالانتخاب من الشعب لمدة أربع سنوات فقط. ونحن نعرف أن عنصرا من عناصر الجبروت فى استخدام السلطة، لا يتأتى فقط مما تتيحه من اتخاذ قرارات نافذة، ولكنها تتأتى من المدة المتاحة لشاغلها فى البقاء فيها، وكلما كانت مدة أطول كان استخدام شاغلها للسلطة ذاتها أكثر قدرة وأثرا وأقل تعرضا للمعارضة ممن تسرى بشأنهم قراراته. والوزير عضو فى الوزارة تنتهى خدمته فى الوزارة بانتهاء عمل الوزارة بالاستقالة أو السقوط، وذلك صحيح فيما عدا من حصنت بقاءه المادة 234 سالفة الذكر لمدة ثمانى سنوات على الأقل.
(5) الدلالة الأكبر فى أهميتها العظمى تبدو عندما نرجع إلى معارفنا فى علم السياسة عن الدولة، فإن الدولة أهم خصائصها أنها هى المؤسسة المجتمعية التى «تحتكر وسائل العنف المشروع»، وهذا الوصف هو ما يبوئها مكان الحاكمية فى المجتمع على الجماعة الوطنية. وهذا الوصف يتضمن عنصرين، عنصر العنف المادى والذى تحتكر حيازته واستعماله وتكسب به نفاذ أمرها وقرارها على المواطنين فلا يستطيعون له فى جملتهم معصية، والعنصر الآخر اللصيق به هو عنصر الاتصاف بالمشروعية أى بالتقبل والرضاء من جمهور من يمارس عليهم هذا العنف.
ولكن المشكلة أنه إذا اجتمعت وسائل العنف المادى والقدرة عليه مع مشروعية ممارسته، إذا اجتمع هذان فى يد واحدة، فيكون قد توافرت القدرة على الاستبداد، وإنفاذ الصالح الذاتى الخاص للمسيطرين على هذين العنصرين دون مقاومة أو احتمال مقاومة جماعية، لذلك كان من حسن تنظيم الدول منعا من الاستبداد والطغيان الناجم عن احتكار العنف والمشروعية معا، كان من حسن التنظيم أن تبنى مؤسسات الدولة على أساس من تقسيم العمل داخل مؤسساتها، فتنشأ بداخلها أجهزة تحوز وسائل العنف بتنظيم منضبط يسيطر على أدوات القهر والأسلحة والقدرة على جباية المال جبرا لإدارة هذه الأعمال، ولكن هذه الأجهزة تكون بعيدة ومجردة تماما عن تملك الشرعية، شرعية إصدار القرارات التنظيمية للمجتمع وللدولة وللعلاقات بين أفراد الجماعة، وشرعية إصدار الأوامر باستخدام أدوات الدولة لتحقيق هذه التنظيمات وكفالة انتظام هذه العلاقات.
وكذلك ان تنشأ أجهزة أخرى هى من يملك سلطة إصدار القرارات المشروعة باستخدام العنف ووسائله، وتكون هذه الأجهزة التى تملك «كلمة المشروعية» مجردة من أية حيازة لأية أسلحة أو وسائل عنف مادى وبعيدة عن جباية المال.
والنوع الأول الذى يحوز وسائل العنف هو ما اصطلح على تسميته بالسلطة التنفيذية، والنوع الثانى الذى لا يملك هذه الوسائل ولا يحوزها ولكنه يملك القول بالمشروعية ويملك الأمر باستخدام وسائل العنف هو ما نسميه السلطة التشريعية التى يوكل إليها إصدار القوانين ورسم السياسات ومساءلة رئاسة السلطة التنفيذية عما تفعل، وكذلك السلطة القضائية التى تختص بالحكم بصحة ومشروعية أى تصرف أو فعل تأتى به السلطة التنفيذية فترد الحق إلى نصابه، الحق الذى عينته ورسمته السلطة التشريعية.
والسلطة التشريعية لا يملك ذووها من الأدوات إلا مجلسا يجتمع فيه رجالها يتحدثون ويتناقشون ويصدرون قرارات، والقضاء لا يملك ذووه من الوسائل المادية إلا أقلاما وأوراقا يسطرون فيها أحكامهم التى ينطقون بها، وإن استقلال كل من هاتين السلطتين لا يؤدى وحده إلى الاستبداد لأن أيا منهما لا يملك وسائل إنفاذ ما يقول. بل هو استقلال واجب حتى لا تسيطر عليها السلطة المالكة لوسائل العنف.
وهذا التقسيم بالضبط هو ما يجعلنا نأمن جانب الدولة وأشخاص القائمين عليها، وهو ما نسميه فى لغة فقه القانون «السلطة المقيدة» وكل النظم إنما تستهدف ضمان أن تبقى السلطة مقيدة، فإذا انفك قيدها دق نفير الخطر. وذلك حرصا على ألا يجتمع وصف العنف والشرعية فى يد شخص واحد أو جهاز واحد أو هيئة واحدة.
فإذا كان الجيش هو عمود الارتكاز الأساسى فى حيازة وسائل العنف المادى، قد صيغ وضعه فى مشروع الدستور بما يجعله مستقلا عن الأجهزة الأخرى، من النواحى التنظيمية وتشكيل القيادة ومن ناحية المورد المالى والاستقلال القضائى، فقد تحقق وجه من الانفصال صار به العنف معزولا عن الهيئات التى ترسم إطار الشرعية وضوابطها وتراقب أعمالها، وصارت به الشرعية عزلاء من الحماية والهيبة التى تكفلها لها وسائل التنفيذ عندما تستخدم لإعلاء كلمة الحق. بمعنى أن الدولة تكون قد أصيبت بالانفصام التنظيمى، أو تندمج الوظيفتان معا فيثور احتمال الطغيان، وقد جربناه عقودا من السنوات.
رعى الله مصر وألهمها الرشاد
رأي المدون : أيها الشعب المصري ... الموافق على الدستور
أنت الآن توافق على طقوس صناعة الفرعون بنفسك وتشارك فيها ... فلا تشتكي بعد ذلك من الضرب على القفا .
التاريخ يسجل

الأحد، 22 ديسمبر 2013

من مذكرات د. كمال الجنزوري ... لو فعلتها فستكرر من بعدي


 تحريرا في 22/12/2013

قال د كمال الجنزوري في مذكراته واصفاً المشير عبد الحليم أبو غزالة .

كان المشير أبو غزاله رحمة الله عليه صديقا عزيزا منذ اليوم الأول الذي إنضممت فيه إلى الوزارة في 4 يناير 1982 , وكانت به صفات عامه وخاصه تكفل له دخول القلوب لكل من يتعامل معه على الفور . فهو رجل عميق الثقافه في مختلف المجالات العسكرية والسياسية بل والاقتصادية كما إنه دمث الخلق , واضح مستقيم اللغه , ثابت على أفكارة ولا يراوغ.

وتحت عنوان التاريخ كاد يتغير ...ولكن الولاء

قال د. كمال الجنزوري : شئ آخر لابد أن أذكرة عن هذا الرجل , المشير أبو غزالة ففي اليوم التالي وهو يوم 27/02/1986 بعد أحداث الأمن المركزي في 25/02/1986 وبعد نزول قوات الجيش إلى الشارع كانت الأمور قد إستقرت في الشارع والقوات سيطرت تماما على الموقف وكنا مجموعه قليلة مع المشير في قصر القياده رغم إنني لست عسكريا , ولكن قربي منه سمح لي زيارته في ذلك اليوم لم يكن إجتماعا ولم يكن شيئا رسميا ولكن كان لقاء به قدر من الإرتياح يحس به القائد الذي أنقذ البلد وهو المشير أبو غزاله . في هذا اللقاء قال أحد القادة العسكريين القريب جدا من المشير أبو غزاله : كفايه كده يا سيادة المشير , خلصنا منه بقى ( يقصد الرئيس ) حتى تستقر البلد , فرد عليه المشير أبو غزاله  على الفور وبكل حزم وبالحرف الواحد لا يمكن لي أن أفعل ذلك وأن أخطأت وفعلت , فسيفعل معي فيما بعد.

وإنتهى الأمر , وإستقرت الأمور , وعاد الجيش إلى ثكناته , ولم يذكر ذلك للمشير أبو غزالة عند صاحب الأمر , هذا الوفاء وهذا الولاء للوطن وللرئيس , رغم الحب الذي أظهره الشعب للمشير . لقد كان نزول الجيش للشارع سيمفونيه جميله عرف الجيش كيف يعزفها ويتعامل مع الشعب دون قسوة أو عنف , فعرف الشعب الجنود والضباط وقائدهم المشير أبو غزاله ولكن هذا لم يكن في صالح المشير أبو غزاله , لدى صاحب الأمر فخطط لإستبعاده رحم الله الرجل ورحم الله الجميع الذين خدموا هذا الوطن الذي لم ينساهم أبداً.

رأي المدون :

جاءت هذه المذكرات في الوقت الذي نستطيع فيه أن نقارن بين كل ممن جلسوا على كرسي وزير الدفاع في مصر في العصر الحديث من أول عبد الحكيم عامر إلى الآن.

ونستطيع أن نعرف كيف سيضع التاريخ كل في مكانه المستحق والصحيح.

التاريخ يسجل

الخميس، 19 ديسمبر 2013

جريمتان

بوابة الشروق
فهمي هويدي

فهمي هويدي | نشر فى : الخميس 19 ديسمبر 2013
كل الصحف المصرية التى صدرت أمس تحدثت عن «ذبيح المنصورة»، وهو سائق التاكسى محمد جمال بدر الذى ذكرت التقارير الصحفية أن أعضاء من الإخوان قتلوه وأحرقوا سيارته، وان آلاف المواطنين خرجوا فى جنازته يهتفون ضد الجماعة ويطالبون بالقصاص. وفى التفاصيل نقلت إحدى الصحف شهادة لمسئول الأمن فى إحدى شركات الصرافة قال فيها إن سيدة كانت ترتدى «خمارا» أخرجت سكينا كبيرا من ثيابها وطعنت به السائق فى عنقه. وتحدث تقرير الطب الشرعى عن وجود تسع طعنات فى جسده. وإلى جانب التفاصيل الكثيرة المنشورة رأينا صورا لجنازة السائق وجثته الملقاة على الرصيف وطفليه وأبيه، إلى آخر التفاصيل المتعلقة بالمأساة.
قبل ان تخرج علينا الصحف بالتفاصيل سابقة الذكر، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعى يوم الثلاثاء 17/12 شريطا مصورا ــ بوسع أى أحد ان يشاهده على «اليوتيوب» ــ سجل وجود التاكسى وسط المتظاهرين والتفاف كثيرين حوله ممن كانوا يتصايحون بعد ايقافه، وقد قام هؤلاء برفع التاكسى وإخراج سيدة كانت موجودة تحته. وكان واضحا حالة الفوضى والانفعال التى لم تهدأ إلا حين قلب التاكسى على جانبه الأيمن وتم حمل السيدة بعيدا عن المشهد.
رغم ان الحادث واحد والجريمة مزدوجة، إلا أن وسائل الإعلام لم تركز إلا على الشق المتعلق بقتل السائق، أما السيدة التى تم دهسها وسجلت الصور إخراج جثتها من تحت التاكسى لم يشر أحد إليها بكلمة، حتى بيان رئيس الوزراء الذى قدم عزاءه إلى أسرة السائق تجاهل أى ذكر للضحية الأخرى.
من جانبى حاولت ان أتحرى الأمر فاتصلت بمن أعرف فى المنصورة، وأتيح لى أن أتحدث إلى بعض أساتذة جامعة المنصورة وآخرين ممن شاركوا فى المسيرة. فقالوا إنهم كانوا متواعدين على الخروج من مسجد الشناوى قاصدين استاد المنصورة، ولكن سائق التاكسى أراد ان يتجاوز المسيرة فطلب منه المنظمون أن ينتظر لبعض الوقت حتى يخلوا له الطريق، لكنه لم يصبر فتقدم بسيارته وسط الجمع الأمر الذى أدى إلى اصطدامه ببعض السيدات المشاركات فى المسيرة، وإذ سقط بعضهن على الأرض جراء ذلك، فان واحدة منهن سقطت تحت السيارة التى واصلت تقدمها ببطء نظرا لوجود السيدة تحتها. وقد أثار ذلك غضب المتظاهرين فتحلقوا حولها وظلوا يضربون أبوابها بأيديهم إلى أن أوقفوها. فسارعوا إلى إخراج السيدة من تحتها التى كانت فاقدة للنطق وفى حالة إغماء، الأمر الذى اقنعهم بأنها فارقت الحياة، وكان ذلك سببا فى إشاعة الهياج والغضب بين الجموع المحيطة، فانهال بعضهم بالضرب على السائق، الأمر الذى انتهى بوفاته. وقد نقلت السيدة (اسمها رضا) إلى أحد المستشفيات القريبة، وبعدما وجدوا أنها لاتزال تتنفس، نقلوها إلى مستشفى خاص. أما السيدات الخمس اللاتى أصبن بكسور فى الساق والحوض فقد حملن بعيدا عن المشهد لعلاجهن فى العيادات الخاصة، لان المتظاهرين خشوا من إلقاء القبض عليهن.
هذه هى الرواية الثانية التى تستند إلى الشريط المصور المتاح على اليوتيوب، والتى لم تشر صحف صباح أمس إلى شىء من وقائعها. وإذا وضعناها إلى جانب الرواية التى أبرزتها بقية الصحف المصرية فاننا نستخلص ثلاث نتائج هى:
اننا بصدد جريمتين لا جريمة واحدة. فقتل السائق جريمة لا ريب، فى حين أن اقتحام الجمع بالتاكسى ودهس السيدة التى لا يعرف مصيرها جريمة أيضا.
إن الأمر كله لم يكن له طابع سياسى، ولكنه تهور وانفعال من جانب السائق المشكوك فى هويته قوبل بتهور وانفعال من جانب المتظاهرين، وهو ما يذكرنا بحالات أخرى تكررت فى بر مصر، لجأ فيها المواطنون من جانبهم إلى سحل وصلب نفر من الجناة والبلطجية.
إن المشهد على بعضه يسلط الضوء على إحدى الظواهر الاجتماعية المؤرقة التى برزت فى مصر خلال السنوات الثلاث الأخيرة، التى تتعلق بمفهوم العدالة وقيمة القانون التى اهتزت فى تلك الفترة، بحيث أصبح كثيرون غير واثقين من عناية السلطة بها. وهو ما يدفع البعض إلى أن يتولوا بأنفسهم تحصيل حقوقهم ومعاقبة من يرون أنه يستحق العقاب.
لقد ذكرت اننا بإزاء جريمتين وليس جريمة واحدة كما أوحت بذلك الصحف التى صدرت أمس، وسلطت الضوء على طرف واحد دون آخر. الأمر الذى يدعونى إلى القول بأن النشر المشوه والمتحيز الذى تم يشكل جريمة ثالثة.
رأي المدون :
يرحم الله أيام الحرية والديمقراطيه ومرحبا بالديكتاتورية والرأي والإتجاه الواحد والاعلام الموجه المضلل .
تحذير السيارة ترجع للخلف . التاريخ يسجل

الأحد، 15 ديسمبر 2013

الطرف الثالث والمعادلة الأحادية للدولة المصرية

د. سعيد الغريب يكتب:في جريدة الحرية والعدالة
2013-12-14 08:30:23

ظلت مصر تحكم عسكريا منذ الخمسينيات بدءا بعبد الناصر ومرورا بالسادات ثم المخلوع ولم تكن هناك معارضة تذكر طوال هذه العقود من حكم العسكر اللهم معارضة الإخوان المسلمين وظلوا طوال هذه الفترة تحت السيطرة الأمنية فى ظل حكم الدولة البوليسية العسكرية. ومن ثم ظلت مصر منذ نشأة الجمهورية المصرية الأولى دولة عسكرية بوليسية تمثل الرئاسة والمؤسسة العسكرية هى الطرف الأوحد الفاعل والقابض على مصادر السلطة والثروة فى مقابل شعب يعانى الفقر والمرض والجوع دون حراك لاسترداد ولو جزء من حقوقه المسلوبة من الطرف الأوحد المتحكم فى مقدرات الدولة.
وفى خلال العشر سنوات الأخيرة من حكم المخلوع انقسم الطرف الحاكم والأوحد إلى طرفين هما مؤسسة الرئاسة من جهة، والمؤسسة العسكرية من جهة أخرى، بسبب مشروع التوريث الذى ترفضه المؤسسة العسكرية، وشهدت هذه الفترة صراعا خفيا بين مؤسسة الرئاسة والمؤسسة العسكرية.
فمؤسسة الرئاسة تريد توريث الحكم لنجل المخلوع جمال مبارك -وهو رجل مدنى- الأمر الذى ترفضه تماما المؤسسة العسكرية التى تحكم وتتحكم فى كل مقدرات الدولة مع رئيس من المؤسسة العسكرية نفسها منذ 1952.
وعلى الجانب الآخر شهدت مصر فى هذه الفترة أيضا حراكا شعبيا وشهدت تكوين حركات مناهضة لحكم مبارك ومشروع التوريث الذى تخطط له مؤسسة الرئاسة مثل حركة كفاية وحركة 6 إبريل إلى جانب الإخوان المسلمين، مع اكتفاء الأحزاب التقليدية المعارضة بالارتماء فى أحضان السلطة دون أن تشكل أى نوع من المعارضة الحقيقية.
ومثل التقاء الصراع بين جناحى الطرف الحاكم والأوحد وهما مؤسسة الرئاسة والمؤسسة العسكرية مع الرفض الشعبى لمشروع التوريث شرارة ثورة 25 يناير، إلى جانب عوامل أخرى أسهمت فى تأجيج الشارع السياسى تجاه السلطة مثل مقتل خالد سعيد وتزوير الانتخابات البرلمانية 2010.
وفى عيد الشرطة 25 يناير 2011 نظمت الحركات الشعبية المناهضة للطرف الحاكم والأوحد وقفات احتجاجية -ويجب ألا ننسى أنه يشهد صراعا خفيا بين جناحيه مؤسسه الرئاسة والمؤسسة العسكرية- وهنا التقطت المؤسسة العسكرية الخيط وبدأت تغذى تلك الوقفات الاحتجاجية حتى تحولت سريعا فى 28 يناير إلى ثورة شعبية جارفة وهى ما عرفت بجمعة الغضب، كى تعينها على تحقيق هدفها الأساسى وهو التخلص من مبارك ومن ثم إسقاط مشروع التوريث حتى يظل الحكم فى قبضة المؤسسة العسكرية.
وبذلك خلقت ثورة يناير واقعا جديدا على الأرض بوجود الطرف الشعبى الثائر فى مواجهة دولة المخلوع بكل مؤسساتها، وعليه تحولت الدولة المصرية منذ اندلاع الثورة من المعادلة الأحادية إلى دولة المعادلة الثنائية يحكمها الصراع بين الطرف الحاكم بجناحيه والطرف الشعبى الثائر فى الميدان.
وكان ذلك الواقع الجديد إيذانا بظهور ما يعرف بالطرف الثالث وهو المؤسسة العسكرية التى حددت هدفها جيدا منذ ذلك التاريخ، فبدأت بالتخلى عن مؤسسة الرئاسة لتخوض وحدها المواجهة مع الطرف الثانى الشعبى الذى أفرزته الثورة، فى حين وقفت المؤسسة العسكرية فى خندق خفى عرف بالطرف الثالث، ظل يغذى الطرف الثانى سرا حتى تنجح ثورته بما يساعد الطرف الثالث على تحقيق غرضه الأساسى فى صراعه مع مؤسسة الرئاسة وهو القضاء على مشروع التوريث ليس أكثر.
ومن مظاهر تغذية ومساندة الطرف الثالث الخفى لثورة يناير حتى تعينه على التخلص من رأس السلطة مبارك ونجليه، مواقف شخصيات عديدة من التيار العلمانى وأحزاب المعارضة التقليدية التى كانت داعمة للثورة آنذاك والآن ارتدت عليها وارتمت من جديد فى أحضان المؤسسة العسكرية وحكم العسكر، مثال ذلك موقف ممدوح حمزة الذى كان يدعم الثورة ماديا وبسخاء شديد وعصام شرف وحمدين وبدوى ومظهر شاهين وحزب النور وكثير من القنوات الإعلامية التى تحولت من موقف المعارض للثورة فى بدايتها إلى موقف المؤيد لها وتم ذلك كله بإيحاء أو أوامر خفية من الطرف الثالث.
ولعلى لا أكون مغاليا إذا قلت إن الطرف الثالث وهو المؤسسة العسكرية كان له دور كبير فى التجهيز والتخطيط لثورة يناير بالاتفاق مع الراعى الأمريكى حتى يوفر غطاءً شعبيا للإطاحة بمبارك ومشروع التوريث الذى كانت ترفضه أمريكا أيضا، ومن مظاهر ذلك الدور الذى قام به البرادعى قبل الثورة حتى أطلق عليه انه هو ملهم الثورة، ودور وائل غنيم الذى اختفى بعد تنحى المخلوع تماما وهو ليس بعيدا عن المشهد الأمريكى مثله مثل البرادعى بالطبع.
وفى 11 من فبراير 2011 نجح الطرف الثالث فى استغلال الطرف الثانى الثورى فى الإطاحة بالمخلوع ومشروع التوريث، ويمثل ذلك التاريخ نهاية ثورة يناير بالنسبة للطرف الثالث أى المؤسسة العسكرية. حيث بدأ بعدها مباشرة فى تغيير موقعه من الطرف المساند والداعم للطرف الثانى الثورى إلى موقع الطرف المعادى له وبدأ فى التخطيط من جديد فى التخلص من الطرف الثانى رويدا رويدا حتى تعود مصر كما كانت إلى دولة المعادلة الأحادية يحكمها ويتحكم فى ثرواتها المؤسسة العسكرية وبقية أجهزة دولة المخلوع.
والمشاهد الدالة على تحول الطرف الثالث إلى الخندق المعادى للثورة بعد الإطاحة بالمخلوع كثيرة مثل أحداث محمد محمود الأولى والثانية ومجلس الوزراء وماسبيرو والعباسية.. إلخ. وفى هذه الفترة غيّر الطرف الثالث من استراتيجيته فوقف إلى جانب الإخوان المسلمين وقوى الإسلام السياسى التى لم تكن تفهم قواعد اللعبة فى الغالب أو تفهمها وظنت أنها ستتفوق على الطرف الثالث وتحقق مآربها، وبذلك نجح الطرف الثالث فى استعداء التيارات المدنية للتيارات الإسلامية وشق صف الثوار إلى كتلتين إسلامية وليبرالية.
وبالفعل نجح التيار الإسلامى وعلى رأسه الإخوان المسلمين فى الوصول للرئاسة، فعاد الطرف الثالث مرة أخرى لتغيير موقعه من المساند للتيار الإسلامى الذى أصبح على رأس السلطة بقيادة الرئيس محمد مرسى إلى موقع المساند للتيارات المدنية والليبرالية، وظل يعمل طوال فترة حكم مرسى على استعداء الشارع والتيارات المدنية ضد التيارات الإسلامية، حتى يعيد الكرّة من جديد ويوفر غطاءً شعبيا -كما حدث فى 11 فبراير 2011- للتخلص من مرسى وحكم الإسلاميين والدولة المدنية، وأعد العدة لذلك مع الراعى الأمريكى أيضا الذى لا يريد هو الآخر بأى حال حكم الإسلاميين ويريد أيضا العودة بمصر لحكم العسكر الحليف الاستراتيجى لهم من عقود طويلة. وعليه كانت أحداث 30 يونيو 2013 التى مثلت غطاءً شعبيا للطرف الثالث للتخلص من الرئيس مرسى والدولة المدنية، أعقبها مباشرة الانقلاب العسكرى فى 3 يوليو.
وأخيرا وبعد انقلاب 3 يوليو نجح الطرف الثالث فى الإنفراد بالسلطة ليصبح هو الطرف الأول الحاكم الأوحد للدولة المصرية فى ظل رئيس مؤقت لا يملك من الأمر شيئا، بعد أن تخلص بالفعل من المخلوع ونجليه، ومن ثورة يناير ومنجزات دولتها المدنية كاملة مثل الرئيس المدنى المنتخب والبرلمان بغرفتيه والدستور المستفتى عليه.
ومارس الطرف الثالث بعد 3 يوليو والانفراد بالسلطة كل أنواع العنف بالقتل والحرق والاعتقال لبقايا الطرف الثانى والمتمثل فى التيارات الإسلامية للتخلص منه نهائيا كى تعود مصر مرة اخرى إلى دولة المعادلة الأحادية وهى الدولة العسكرية البوليسية.
ولكن ما زال الصراع مستمرا بين الطرف الثالث -الذى كان يمثل أحد جناحى الطرف الأول قبل 25 يناير 2011 وأصبح يمثل الطرف الحاكم والمتحكم فى مقدرات الدولة بعد 3 يوليو- وبقايا الطرف الثانى.
ويتضح أنه بمرور الوقت تتكشف لعبة الطرف الثالث شيئا فشيئا، ومعها بدأت بعض تيارات الطرف الثانى التى انخدعت فى 30 يونيو تنضم من جديد وتعود إلى خندق الطرف الثانى خندق الثورة، ويأتى فى مقدمتها انتفاضة الحركة الطلابية بكافة ألوانها ضد الانقلاب العسكرى وحركات عديدة أبرزها مسيحيون ضد الانقلاب.
ومرة أخرى أُنهى بأنه ما زال الصراع مستمرا.
______________________
أستاذ الصحافة بكلية الإعلام، جامعة القاهرة

رأي المدون:
حكاية مغموسة بدم الشهداء
إلى السذج من الشعب المصري ... عرفتوا الكذبة الكبيرة والا لسه مصدقين
التاريخ يسجل

الخميس، 12 ديسمبر 2013

أخطبوط الإخوان ومؤامرة الأكوان

بوابة الشروق
فهمي هويدي
فهمي هويدي نشر فى : الخميس 12 ديسمبر 2013

لوكنت من الإخوان لبادرت إلى إرسال برقيات شكر إلى أغلب الكتـَّاب والمعلقين المصريين على ما يقدمونه للجماعة من خدمات جليلة، حين صوروها بحسبانها قوة عظمى لها أصابعها ونفوذها فى مختلف أنحاء العالم. صحيح ان وسائل الإعلام المصرية لم تكف عن شيطنة الإخوان طول الوقت، إلا أنها فى الوقت ذاته لم تقصر فى تسليط الأضواء على نجاحها فى اختراق أهم وأبرز مواقع التأثير والقرار فى العالم. وهى دعاية قـُدمت إليهم بالمجان، ولا يقلل من شأنها أنها تمت على غير رغبة أو قصد من الفاعلين الذين أطلقوها أصلا للتشهير بالجماعة ومحاولة اغتيالها.
لن أتوقف عند ما قاله ذات مساء مقدم البرامج الهُمام عن أن الإخوان هم السبب فى سقوط الأندلس، مؤكدا على عراقتها، لأن ذلك يعنى أن الجماعة المذكورة ــ ربما من خلال تنظيمها الدولى (!)ــ كان لها دورها الفاعل حتى قبل 400 سنة من مولد مؤسسها (سقوط الأندلس حدث فى شهر يناير عام 1492، ومؤسس الجماعة الأستاذ حسن البنا ولِد فى عام 1906). ولئن بدت هذه المعلومة «واسعة» بعض الشىء، إلا أن ذلك لا يلغى فكرة العراقة لذلك التنظيم المعجزة الذى كانت له إخفاقاته قبل أربعة قرون من ميلاد مؤسسه.
إذا تجاوزنا ذلك الاكتشاف التاريخى المدهش، فثمة اكتشاف أخطر، هو أن الجماعة اخترقت البيت الأبيض أيضا. فأوباما نفسه ليس بعيدا عنها، وإذا كان شقيقه ينتسب إلى تنظيم القاعدة، كما قالت سيدة لها صلة بالقانون والقضاء على شاشة التليفزيون. فإن ذلك لا يمكن أن يتم بغير علم الرئيس الأمريكى ولا أجهزة مخابراته التى تتجسس على العالم، ولا يمكن أن تفوتها معلومة بتلك الأهمية. ثم إن ذلك يفسر ما تردد فى كتابات بعض زملائنا عن التحالف الأمريكى الإخوانى، الذى أصبحت فكرته من الثوابت المستقرة فى الإعلام المصرى.
وإذا كانت الجماعة الجبارة قد اخترقت البيت الأبيض وجندت لصالحها بعض من فيه، فلا تستغرب قدرتها على اختراق بعض من أهم المنابر الإعلامية الأمريكية. وقد قرأنا هذا الأسبوع انتقادا حادا لصحيفتى نيويورك تايمز وواشنطن بوست، واتهاما صريحا لهما بالتحيز لصالح الإخوان. وهو ما سجله رئيس اتحاد الكتـَّاب فى مصر حين كتب، أمس، قائلا بأن نيويورك تايمز عبرت عن ذلك «الانحياز الكامل» عندما انتقدت نص مشروع الدستور الجديد على حظر قيام الأحزاب على أساس دينى، أما جريمة واشنطن بوست فقد كانت أشد، لأنها دعت إلى إشراك الإخوان فى الحياة السياسية. وهى ذات التهم التى تورطت فيها صحيفة «الجارديان» البريطانية، حتى وصفها المستشار الصحفى للرئيس بأنها «صحيفة صفراء»، وكانت تلك التهم من مسوغات الترويج لمقولة اختراق الإخوان للإعلام الألمانى.
أبرز دليل على توهم استشراء نفوذ الإخوان فى الولايات المتحدة رصدته بعض وسائل الإعلام المصرية فى موقف مجلة «تايم» التى استبعدت الفريق عبدالفتاح السيسى من قائمة العشرة المبشرين بالمجد والشهرة. فقد ذكرت إحدى المذيعات أن الإخوان كانوا وراء الاستبعاد، بسبب اختراقهم لدائرة صنع القرار فى المجلة المذكورة. وقالت إحدى الصحف إن الاستبعاد كان استجابة للضغوط الأمريكية والإسرائيلية (على اعتبار أن للإخوان نفوذهم فى البلدين). وقرر أحد الكتاب أن وراء الاستبعاد عدة عوامل منها أن الفريق السيسى بعزله للرئيس مرسى أجهض الخطط الأمريكية فى منطقة الشرق الأوسط لمدة 25 عاما قادمة، باعتبار أن الإخوان مدعومين بواشنطن كانوا بصدد الحصول على الامتياز الحصرى للمنطقة فى مصر وتونس وسوريا واليمن، ومستقبلا فى المغرب والجزائر والكويت والسعودية.
قرأنا أيضا لمن قال إن التحالف الأمريكى الإخوانى الذى انخرطت فيه تركيا وقطر كان يدفع الأمور فى منطقة الشرق الأوسط بما يعيد رسم خرائطها من جديد، من خلال إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد الذى كان من شأنه أن يرتب تداعيات فى المشرق تكون أساسا لتلك المتغيرات المفترضة.
لقد ذكرت من قبل أن أبواق النظام وممارساته هى أكثر ما أساء إليه خلال الأشهر الخمسة الماضية، واليوم أضيف أن تلك الأبواق ذاتها ما برحت تنفخ فى صورة الإخوان حتى حولتهم إلى أخطبوط كبير يحرك الأحداث والرياح فى مختلف أنحاء الكرة الأرضية، من خلال ما تبثه من دعايات وفرقعات تتحدث عن عالم وهمى مسكون بالوقائع المختلقة. لا أعرف ما إذا كانت تلك الأوهام قد انطلت على الناس أم لا، لكننى سوف أستغرب كثيرا لو عرفت أن الذين أطلقوها يصدقونها، ولن أفاجأ إذا ما استشعر الإخوان إزاءها خليطا من الزهو والامتنان.
كما أن بعض منابرنا الإعلامية اعتبرت كل من انتقد النظام أو عارض ممارساته منتميا إلى الطابور الخامس، فإنها لم تحتمل اختلافا أو تحفظا من جانب أى منبر أو عاصمة فى العالم واعتبرت أن ذلك الموقف جزء من مؤامرة دولية على ما قيل انه زلزال 30 يونيو الذى أطاح بالإخوان وهز الأكوان.

رأي المدون:
في رواية والعهده على الراوي أن التنظيم الدولي للإخوان هو السبب الرئيسي في تأخير فصل الشتاء حتى 10/12/2013 تواطئاً مع المعتقلين في السجون.
التاريخ يسجل

الأحد، 8 ديسمبر 2013

القاضى "حلاوة"


شريف منصور يكتب:في الحرية والعدالة
2013-12-06 08:45:04
يتذكر كثيرُ منا المسلسل العربى الشهير "على الزيبق" والذى تناول بشكلٍ واضح فصلًا من فصول الإرادة الشعبية فى مواجهة استبداد الحكام وظلمهم. وكانت إحدى الشخصيات المحورية فى هذا المسلسل شخصية القاضى "حلاوة" وهو القاضى الذى باع ضميره وأخلاقه فأهدر الحق والعدل وكان تابعًا للحاكم الظالم المستبد فى كل أمر، يدور فى فلكه ويعينه على ظلمه وغيه.
قاضٍ ملاكى لا يمتلك من أمره شيئًا، يحكم بما يأمره به أسياده ويتخذ من سلطانه وسيلةً لسجن الشرفاء الذين يقاومون الظلم والاستبداد والفساد, ويحاولون استعادة إرادة الشعب وثرواته المنهوبة من أولئك الفسدة المستبدين الذين نهبوا أموال الشعب ومقدراته وصادروا إرادته لمصلحتهم هم وأبناؤهم من بعدهم وحرموا منها الشعب -صاحب الحق الأصيل فيها- وتركوا المجرمين الفسدة طلقاء أحرارًا ليعيثوا فى الأرض فسادًا ونهبًا وقتلًا.
تذكرت شخصية القاضى "حلاوة" وأنا أتابع ما يجرى فى بلادى الحبيبية من ظلمٍ وجورٍ تجاه كل الشرفاء الذين يحاولون استعادة الحقوق المسلوبة والحرية والكرامة المصادرة ومن يقولون كلمة الحق فى وجه الظالمين القتلة.
فها هو القاضى "حلاوة" يعود من جديد فى أقبح صوره ليسجن الشرفاء ويلقى بهم خلف الأسوار تنفيذًا لرغبات أسياده فيجدد للشرفاء مدد الحبس الاحتياطى المدة تلو المدة دون مراعاة لقانون أو عدالة.
وها هو القاضى "حلاوة" يصدر أحكامًا بالسجن المشدد سنواتٍ عديدة على كل حرٍ يهتف ضد الظلم والطغيان.
وها هو القاضى "حلاوة" لا تتحرك بداخله ذرة نخوة أو رجولة فيسجن النساء والفتيات فى أمرٍ يترفع عنه "أبو جهل" وصناديد قريش.
وها هو القاضى "حلاوة" يحاول التخلص من كل قاضٍ شريف لا يقبل الظلم فيحيله إلى الصلاحية، أو إلى الجنايات حتى يهدم الأمل الباقى فيما تبقى من حصن العدالة.
القاضى "حلاوة" مسموح له أن يكون له آراء سياسية ما دامت تتفق وهوى الظالمين الفاسدين، أما الشرفاء الذين يخالفون هوى الفاسدين فهم غير مرغوبٍ فى وجودهم وتوجه لهم كل أنواع التهم والنقائص ما ظهر منها وما بطن.
يتقاضى القاضى "حلاوة" أجره وعرقه من أسياده، فيحصل على الأراضى والشاليهات والامتيازات والأموال ويوظف أولاده دون وجه حق فى النيابة والقضاء وهو فى الحقيقة يذكرنى بـ"محجوب عبد الدايم" فى فيلم "القاهرة 30" -كما حُكى لى.
يظن القاضى "حلاوة" أنه باحتمائه بأسياده سيضمن الحماية المطلقة والنفوذ الدائم -فى غفلةٍ عن التاريخ والعبرة منه- ولكنْ هناك يومُ قريب سيأخذ فيه الشرفاء منه حقهم تمامًا كما حدث له فى نهاية مسلسل "على الزيبق"؛ حيث كانت نهايةً مخزية وفاضحة؛ فقد وضعه الشعب الثائر على حمارٍ فى وضعٍ مقلوب وطافو به أرجاء المدينة فكانت فضيحته "بجلاجل" ثم تخلصوا منه ليذهب إلى مكانه الطبيعى فى مزبلة التاريخ..
وبقى القضاة الشرفاء الأحرار يرفعهم الناس على أعناقهم ليصلحوا ما فسد فى حصن العدالة ويربوا أجيالًا جديدة تقيم الحق وتحقق العدالة ولا ترضخ للذل أو الهوان..
القاضى "حلاوة" إلى زوال وقضاة العزة والشرف هم الباقون... والله أكبر وتحيا مصر.
رأي المدون :
بدون تعليق
                                                          التاريخ يسجل

الخميس، 5 ديسمبر 2013

صراعنا الخفى حول الحقيقة والتاريخ

بوابة الشروق
فهمي هويدي
فهمي هويدي نشر فى : الثلاثاء 3 ديسمبر 2013 

الخرطوش الذى استهدف متظاهرى جامعة القاهرة، هذا الأسبوع أسقط حاجز الصمت الذى فرض على ممارسات المؤسسة الأمنية منذ قامت الثورة واستدعى ملفَّها المطموس والمسكوت عليه.
(1)
كان الشاب محمد رضا يقف فى فناء كلية الهندسة مع آخرين متفرجا على مظاهرة زملائه فى فناء كلية الهندسة الذين خرجوا يوم الخميس 28/11 تضامنا مع أقرانهم فى بعض كليات الجامعة، وكان هؤلاء قد عبروا عن احتجاجهم على قانون منع التظاهر ومحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية وغضبهم إزاء الحكم على 14 فتاة بالإسكندرية بالسجن مدة 11 عاما. ولم تكن تلك المظاهرات بعيدة عن مثيلاتها التى اتجهت إلى مقر مجلس الشورى خلال الأسبوع ذاته متبنية نفس الشعارات والهتافات، وتخللتها اشتباكات مع الشرطة التى تصدت لها،
لم يعرف عن محمد رضا البالغ من العمر تسعة عشر عاما أن له نشاطا طلابيا ولا لونا سياسيا، ولكنه كان منصرفا إلى دروسه ومتفوقا على أقرانه، الأمر الذى جعله يحتل الترتيب الثالث على ثلاثة آلاف طالب بالسنة الإعدادية، قبل أن ينتقل إلى السنة الأولى بقسم المدنى. ولم يكن يحلم بأكثر من أن يصبح معيدا فى الكلية ومبتعثا للحصول على شهادة الدكتوراه. إلا أن القدر كان يعد له مصيرا آخر. ذلك أنه تلقى طلقات من خارج الكلية أسقطته على الأرض على الفور، كما أصابت ثلاثة من زملائه. وقد فشلت جهود الطلاب الذين حاولوا إنقاذه وسط الهرج الذى ساد المكان، ففقد محمد رضا حياته ونقل زملاؤه إلى مستشفى قصر العينى، حيث تبين أن أحدهم (اسمه جمال عصام الدين) فقد عينيه وفى حالة خطيرة.
الحدث فجر غضب الطلاب وضاعف من انفعالهم. وتضامن معهم الأساتذة الذين ألغوا المحاضرات وسارعوا إلى إصدار بيان وقعه 135 منهم أعلنوا فيه الإضراب عن العمل ابتداء من السبت 30 نوفمبر، ودعوة زملائهم فى الكليات الأخرى إلى تعليق العملية التعليمية بعدما «أصبح استمرارها متعذرا فى ظل الترهيب الأمنى وانتهاك حرمة الجامعة وإطلاق القنابل والخرطوش على الطلاب داخل كلياتهم». كما طالبوا بالتحقيق فيما جرى ومحاكمة المسئولين عن قتل الطالب وترويع المتظاهرين، أو باعتذار وزارة الداخلية عن سلوك رجالها. ودعوا إلى إبعاد قوات الأمن ومدرعات الجيش عن محيط جامعة القاهرة، وإلى إلغاء قرار مجلس الوزراء الذى يسمح لتلك القوات باقتحام الجامعة الأمر الذى ينتهك استقلالها. وختموا بيانهم بالمطالبة بإطلاق سراح طلاب الجامعة وأساتذتها بضمان محال إقامتهم.
(2)
أثبت الطبيب الشرعى أن محمد رضا قتل بطلقات أصابت عنقه وقلبه وأدت إلى قتله. وعلق وزير التعليم العالى الدكتور حسام عيسى على الحادث بقوله إنه سأل وزير الداخلية الذى أبلغه بأن الشرطة لم تستخدم الخرطوش فى التعامل مع المتظاهرين. ثم قال فى تصريح آخر إنه لا يستبعد أن يكون طلاب الإخوان هم الذين قتلوه. وكان ذلك التصريح بداية الاتجاه إلى تلبيس التهمة للإخوان الذين لم يرد لهم ذكر فى القصة من بدايتها. وخرجت علينا صحف الأحد 1/12 برواية جديدة للمشهد ذكرت أن تحقيقات النيابة توصلت إليها خلاصتها أن الطالبات المنتميات إلى جماعة الإخوان ساعدن زملاءهن الذين انخرطوا فيما سمى «طلاب ضد الانقلاب»، حيث قمن بتزويدهم بالسلاح والخرطوش الذى تم إخفاؤه فى أكياس من البلاستيك وضعنها فى طيات ملابسهن وأنهن خرجن من الحرم الجامعى فور اشتعال الاشتباكات بين الطلاب وقوات الأمن.
فى الوقت الذى بدأ التحقيق يتجه فيه إلى ذلك المنحى حدثت مفاجأة لم تكن فى الحسبان. إذ صدر بيان باسم جامعة القاهرة وقعه رئيس الجامعة الدكتور جابر نصار ذكر ما يلى: تدين جامعة القاهرة بشدة قيام أجهزة الأمن بالاعتداء المباشر على الجامعة وكلية الهندسة. حيث تم إطلاق قنابل الغاز والخرطوش إلى داخل الجامعة والكلية من خارجها، مما أدى إلى استشهاد أحد طلاب كلية الهندسة، الشهيد محمد رضا داخل أسوار الكلية وإصابة آخرين من الطلاب وأفراد الأمن بالجامعة. إن ما حدث أمر غير مقبول على الإطلاق، ويتحمل مسئوليته الأساسية بعض أجهزة الأمن التى تجاوزت كل الحدود، حين تعمدت تعقب الطلاب حتى بعد دخولهم إلى الجامعة. وهو ما سوف يتم توثيقه بشهادات الطلاب والصور والفيديوهات. وسوف تشكل لأجل ذلك لجنة من المختصين، كما ستكلف الجامعة فريقا قانونيا لمتابعة الأمر، وإبلاغ الجهات الرسمية لمحاسبة من اقترف هذا الجرم، الذى لن تتسامح فيه الجامعة. وتطالب الجامعة بالإفراج الفورى عن طلابها، وذلك لتمكينهم من اللحاق بدراستهم والإسراع بتجلية حقيقة مواقفهم القانونية وإعلان ذلك فى أقرب وقت.
(3)
فاجأنا ذلك الموقف الشجاع، لأن الصورة النمطية المستقرة فى أذهاننا أن القيادات التى تحتل أمثال تلك المواقع تتسق دائما مع الأجهزة الأمنية، التى تعرف أنها كانت يوما ما صاحبة كلمة فى تعيينهم، وهى صورة لم تختف تماما فى الوقت الحاضر، آية ذلك أننا وجدنا أن الأجهزة الأمنية اقتحمت المدينة الجامعية لطلاب الأزهر بعد المظاهرات التى خرجت فى بعض كليات الجامعة. وفى اقتحامها قتلت طالبا بكلية الطب يدعى عبدالغنى محمد حمودة، كما اعتقلت 17 طالبا ليس لهم أى انتماء سياسى، بينهم ثلاثة فى السنة النهائية بكلية الطب، ولم يسمع أحد بما جرى، ولم يرتفع صوت فى الجامعة يستنكر اقتحام المدينة الجامعية أو قتل طالب الطب.
موقف الدكتور جمال نصار يحسب له. وهو الذى تولى رئاسة الجامعة بعد انتخابه من أساتذتها، ومن ثم فليس لأحد فضل فى تعيينه. ذلك أن البيان الذى أصدره يضيف صفحة يعتز بها سجل استقلال الجامعة، ولست أشك فى أن ذلك الموقف كان له دوره فى تشجيع أعضاء هيئة التدريس على الانحياز إلى صف حرمة الجامعة وحماية طلابها، ليس فى حدود جامعة القاهرة فحسب، لأن تلك الروح سرت فى أوساط المحيط الجامعى فى مختلف أنحاء البلاد. حيث تضامنت اتحادات طلاب الجامعات مع زملائهم فى جامعة القاهرة، فى ضرورة التحقيق فى قتل طالب الهندسة واعتداءات الشرطة على حرمة الجامعة. وقيل لى أن فاعليات ذلك التضامن مستمرة طوال هذا الأسبوع على الأقل.
(4)
حدث جامعة القاهرة مهم فى ذاته وفى دلالته. أعنى أن غضب الجامعة لانتهاك حرمتها والعدوان على استقلالها، وجرأة رئيس الجامعة وأساتذتها وطلابها فى مواجهة القمع الذى مارسته المؤسسة الأمنية، هذا المشهد مهم فى حد ذاته لما اتسم به من غيرة وجرأة. فى الوقت ذاته فإنه يستدعى إلى الأذهان سجل الأحداث التى تلاحقت أثناء الثورة وبعدها، والتى تم تناولها من خلال قراءتين لا تختلفان كثيرا عن الكيفية التى تم بها التعامل مع ما جرى فى كلية هندسة جامعة القاهرة. ذلك أننا فى الحالة الأخيرة صرنا بإزاء شهادتين إحداهما جامعية تتهم الأجهزة الأمنية والأخرى أمنية تبرئ الداخلية وتتهم الإخوان، وذلك بالضبط، جرى مع الأحداث التى تلاحقت فى أثناء ثورة 25 يناير وفى أعقاب نجاحها. دليلى على ذلك أشرت إليه من قبل ولا أقل من لفت الانتباه إليه، وهو يتمثل فى الجهد الكبير الذى بذل لتقصى حقائق تلك الأحداث، والذى أشرف عليه نفر من أهم وأبرز رجال القضاء والقانون فى مصر، الذين استعانوا بفريق من المحققين والخبراء. وقام هؤلاء بتوثيق تلك الأحداث فى مرحلتين. مرحلة الثورة التى امتدت من 25 يناير إلى 9 فبراير من عام 2011 وقد رأس اللجنة التى تولت تقصى حقائقها المستشار الدكتور عادل قورة الرئيس الأسبق لمحكمة النقض وقد جاء تقريرها فى 400 صفحة سلمت ثلاث نسخ منه يوم الاثنين 18 أبريل عام 2011 إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة ورئيس الحكومة آنذاك الدكتور عصام شرف والنائب العام الدكتور عبدالمجيد محمود.
المرحلة الثانية هى التى تولى فيها المجلس العسكرى السلطة، وقد وقعت فى ظلها أحداث عنف عدة، أصدر الرئيس السابق محمد مرسى قرارا بتشكيل لجنة لتقصى حقائقها برئاسة المستشار محمد عزت شرباص رئيس الاستئناف السابق، فى شهر يوليو عام 2012، بعد أسابيع من تنصيبه، وقدمت اللجنة تقريرها الذى جاء فى نحو 700 صفحة فى شهر يناير عام 2013. والتقريران بالمناسبة يتضمنان كما هائلا من الوثائق والتسجيلات والشهادات. لكن أهم ما كشفا عنه كان توثيق ضلوع أجهزة الأمن فى أهم إن لم يكن كل تلك الأحداث، وتم ذلك بتفصيل تجاوز العبارات التى تحدث بها رئيس جامعة القاهرة فى توصيفه لما جرى فى كلية الهندسة. وكما أن كلام الدكتور جابر نصار وضعنا أمام قراءتين لأحداث الجامعة واحدة تبناها هو ومعه أساتذة الجامعة، وأخرى أمنية تحدث بها وزير الداخلية ونفت مسئولية الشرطة عن جريمتى القتل والاعتداء على حرمة الجامعة، فان المشهد تكرر على صورة أكبر وأخطر مع تقريرى تقصى الحقائق، ذلك أن القراءة القانونية لوقائع المرحلتين ووجهت بقراءة أخرى أمنية برأت ساحة المؤسسة الأمنية وأخلت مسئوليتها عن أحداث تلك الفترة. لأن المؤسسة المذكورة هى الطرف الأقوى فإنها نجحت فى فرض رؤيتها بعدما مارست ضغوطها القوية لتجاهل كل ما توصل إليه القانونيون والمحققون. ليس ذلك فحسب وإنما نجحت أدوات وأصابع الأجهزة الأمنية فى كتابة تاريخ تلك المرحلة على نحو مختلف تماما عما توصلت إليه قراءة القانونيين. وترتب على ذلك أن تمت تبرئة ساحة الأجهزة الأمنية، وألقيت مسئولية ما جرى على أطراف أخرى فى مقدمتها البلطجية وميليشيات الإخوان وحركة حماس وحزب الله....إلخ وهو ما دفعنى إلى القول ذات مرة بأن تلك الأجهزة لم تعد تصنع التاريخ فى زماننا فحسب، وإنما باتت تكتبه أيضا.
لا أعرف ما الذى ستسفر عنه المواجهة بين قراءتى الجامعة والأمن فى أحداث كلية الهندسة، لكنى لن أستغرب إذا فرض الأمن رؤيته ليس فقط لأن له سابق خبرة فى قلب الحقائق وإعادة تشكيلها على النحو الذى يشتهيه، ولكن أيضا لأنه بنفوذه الكبير فى مجال الإعلام بات الآن فى الموقف الأقوى الذى يتجاوز بكثير ما كانت عليه الصورة قبل سنة أو اثنتين.. ومن شأن استمرار ذلك الموقف ان يفلت قتلة محمد رضا وعبدالغنى حمودة من الحساب والعقاب، ولا تسأل عن الشهداء الذين قتلوا فى فض اعتصام رابعة أو النهضة أو غيرهم من أبناء الشعب الآخر الذين لا بواكى لهم.

رأي المدون:
الكذب ( المستف ) لم يعد ينطلي على شباب الشعب المصري الواعي .
المهم هو منظر الكاذب أمام الناس . ودرجة الثقة فيه ... أنتم اللذين أضعفتم هيبة الدولة .
التاريخ يسجل

الأحد، 1 ديسمبر 2013

عن الخضيرى


بوابة الشروق

مصطفى النجار

مصطفى النجار نشر فى : الجمعة 29 نوفمبر 2013 


فى صباح يوم 25 يونيو 2010 وعقب استشهاد خالد سعيد كنا فى مكتب المستشار محمود الخضيرى بمنطقة سيدى جابر بالإسكندرية نرتب التفاصيل النهائية لاستقبال الدكتور البرادعى الذى أتينا معه لتقديم العزاء لأسرة الشهيد والمشاركة فى الوقفة الاحتجاجية عقب صلاة الجمعة بمسجد سيدى جابر، استقبلنا الرجل بحفاوة وحين اخبرناه أن الأمن قد فرض حصارا شديدا على المسجد مساء الخميس وأنه يستعد لحملة اعتقالات واسعة للمشاركين بالوقفة قال لنا: لا تخافوا ولا تلغوا وقفتكم ولا تغيروا مكانها لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، مهما بدا لكم أنهم أقوياء فهم أضعف مما تتخيلون وشجاعتكم وثباتكم أمل الناس فى التغيير.
الخضيرى كان رأس الحربة فى معركة استقلال القضاء فى عهد مبارك وكانت مواقفه الشجاعة زلزالا فى 2005 و2006 حين خرج على الدنيا ليعلن أن هناك تزويرا قد حدث بالانتخابات البرلمانية وأن قضاة مصر يتبرءون من هذا الإفك، دافع طيلة حياته عن استقلال القضاء وحدد مفهومه بأن يكون القاضى غير خاضع لأى شيء إلا ضميره والقانون، وأن يتحرر من أى ضغوط سواء كانت مادية أو معنوية وأن تكون إرادته حرة غير متأثرة بأى اتجاه سياسى.
•••
فى ثورة يناير وعقب بدء اعتصامنا بميدان التحرير انضم إلينا رغم كبر سنه وصعوبة ظروف الاعتصام فى البرد القارس، كان يبث الحماس فى نفوس الشباب ويقول لنا ان جدار الظلم يتصدع والطاغية يسقط، ثقوا بالله وبأنفسكم نحن على الحق والله ناصرنا.
لم يهرب الخضيرى يوم موقعة الجمل من الميدان مثلما هربت رموز سياسية أخرى ادعت الثورية بينما فرت فى ساعة الخطر ولاذت ببيوتها ــ وأحدهم كاتب شهير ومدعى ثورية وظهر على حقيقته مؤخرا ــ قال لمن اتصل به وطلب منه الحضور للميدان واستدعاء كل الرموز السياسية التى تركت الشباب وحدهم فى الميدان قال له: (الموضوع فيه دم وانا مليش فى الدم لما القصة تخلص هبقى آجى).. كانت قطعان البلطجية والمأجورين تهاجم الميدان بشراسة من كل الشوارع المحيطة ودارت معركة دامية استمرت منذ منتصف النهار حتى غروب الشمس ونجح الثوار فى منع بلطجية مبارك من اقتحام الميدان وفض الاعتصام كما كان المخطط المرسوم وتوالى سقوط عدد من البلطجية الذين يحملون أسلحة مختلفة تسببوا بها فى إصابة عدد كبير من المعتصمين فى يد الثوار وتم اقتيادهم إلى المكتب الشهير خلف المنصة الرئيسية للاعتصام لحمايتهم من الناس الذين كانوا يريدون الفتك بهم وتم التعرف على هويات بعضهم وهم يحملون كارنيهات للحزب الوطنى وعدد منهم كان يحمل كارنيهات جهات أمنية رأيناها بأم أعيننا وأخبرنا كثير من هؤلاء أنهم قد تم حشدهم بمقابل مالى دفعه بلطجية بأوامر من بعض نواب الحزب الوطنى ببرلمان 2010 المزور وتم تسليم هؤلاء للشرطة العسكرية عقب تصوير بطاقات هويتهم من قبل الصحفيين الموجودين بالمكان.
لم يتم تعذيب أحد ولا صعقه بالكهرباء كما يزعم الكاذبون بل تم حماية هؤلاء المجرمين من بطش الجماهير وغضبهم بإيوائهم فى هذا المكان عدة ساعات حتى تسلمتهم الشرطة العسكرية التى شكرت من قاموا بذلك لأنهم أنقذوا هؤلاء البلطجية من الموت على أيدى الناس.
•••
موقعة الجمل نفذها مجموعات من البلطجية تابعين لنظام مبارك وكانت المحاولة الأخيرة لفض الاعتصام عبر تصوير الأمر كأنه صراع بين مؤيدين ومعارضين للنظام وليس ثورة شعبية قررت إسقاط النظام.
محاولة تبرئة نظام مبارك من جريمة موقعة الجمل وإلصاقها بآخرين تمثل عهرا وتدليسا فجا لكنه ليس مستغربا فى زمن يطارد فيه اللصوص الشرفاء ويتربص به القتلةُ بالضحايا، الخضيرى الكهل المسن الذى لا يساعده بصره على رؤية أكثر من مسافة متر أمامه ويستند كثيرا على عصا يتكىء عليها ويعاونه من حوله على السير بسبب ظروفه الصحية يتهمونه بالتعذيب ويخطفونه من منزله كأنه لص هارب أو قاتل محترف، كيف تجرأت هذه اليد التى أصدرت قرار اعتقال شيخ ومعلم لها وأحد أنبل شيوخ القضاة فى مصر؟ كيف لم ير هؤلاء أن هذا إهانة لقضاء مصر وقضاتها، اختلفوا مع الخضيرى كما اختلفت معه شخصيا فى فترة زمالتى له بالبرلمان واختلفوا مع مواقفه السياسية التى رآها البعض انحيازا إلى الإخوان ولكن الحقيقة أنه يخطئ ويصيب لكنه لم يكن أبدا مجرما تسيئون اليه بهذا الشكل دون احترام لسن ولا تاريخ ولا مقام.
•••
تذكروا يا قضاة مصر أن الخضيرى انحاز للقضاء فى وقت جبروت الإخوان وقال إن الإعلان الدستورى الذى أصدره مرسى هو سبب الفتنة فى مصر ورفض مظاهرات تطهير القضاء التى دعا لها الإخوان وقال إن القضاء سيطهر نفسه بنفسه دون تدخل من أحد وفى الأزمة الحالية نصح الخضيرى الإخوان بالعدول عن التمسك بعودة الرئيس المعزول وطالبهم بالتهدئة والبحث عن مخرج من مأزقهم الحالى، وبعدم تنظيم أى مظاهرات من أجل مصلحة مصر، نعم وقف الخضيرى على منصة رابعة وقال ما يعتقده ولكنه لم يفعل ما يستوجب مساءلته قانونيا بأى شكل.
إلى رءوس السلطة اعتقلتم الفتيات الصغيرات اللاتى حملن بالونات واليوم تعتقلون شيخا مسنا وقاضيا محترما بتهمة مضحكة ألا تستحون؟ ألا تعرفون ماذا سيكتب التاريخ عنكم؟ العدالة تتصدع والثقة تتلاشى والمعبد سينهار على رءوس الجميع، نحذركم ولا تسمعون ونذكركم ولا تتعظون فإذا ما درات عليكم الأيام فلا تبكوا!.
رأي المدون:
إذا كانت العقلية التي تدير مصر الآن هي نفس العقلية التي سوف تدير ها في السنوات القادمة ... فقل على مصر السلام
التاريخ يسجل



الثلاثاء، 26 نوفمبر 2013

حلوان نموذج للمأساة المصرية




محمد عبد القدوس يكتب في الحرية والعدالة   : 2013-11-25 08:39:04
من قسم شرطة حلوان، وتحديدا من الزنزانة رقم 3 تلقيت استغاثة من سجناء الرأى أراها بمنزلة نموذجا للمأساة المصرية التى تجرى فى بلادى حاليا: نحن المحبوسين السياسيين بزنزانة رقم 3 قسم شرطة حلوان لمدة تقترب من أشهر ثلاثة نحملكم أمانة أنفسنا أمام الله؛ فنحن فى عذاب مستمر، ووالله العظيم نموت موتا بطيئا لا يتخيله أحد إلا من هو معنا أو مثلنا..
ويذكر النداء أمثلة لهذا الهوان الذى يتعرضون له يوميا.. فهم محشورون مع الجنائيين فى زنزانة تضم ستين فردا مع أن مساحة المكان لا تتسع إلا لعشرين فردا على أقصى تقدير، ولذلك ترى النوم مثلا مقسما إلى أربع نبطشيات.. كل ربع ينام بالتناوب!! ومع ذلك لا يستطيعون ذلك لأن الحبس مع الجنائيين يعنى تدخينا مستمرا وصياحا ومعارك وخناقات وسبّا للدين!!
ودرجة الحرارة بالمكان تصل حاليا إلى 50 درجة، وفى الصيف تزيد عن ذلك حتى تصير "فرنا لبشر"، والدخول لقضاء الحاجة بالطوابير؛ فلا يوجد إلا مرحاض واحد! ولا يصرف لنا أى شىء من بنود الطعام أو الشراب أو الدواء!
والكتب ممنوعة وكذلك الصحف والمذياع، ولا نرى الشمس مطلقا، أما المحمول فهو جريمة يتعرض صاحبها للضرب والسحل ومصادرة المحمول أو تكسيره. والزيارات محدودة بدقيقة واحدة أو دقيقتين على الأكثر، والحشرات سيدة المكان خاصة الصراصير والناموس والبراغيت التى تحولت إلى عقارب!! وممنوع دخول المبيدات!! وكثيرا ما نسمع صوت تعذيب الجنائيين الذى يُذهب بقلوبنا ويدمع أعيننا.
وهذا النداء وتلك الاستغاثة الصادرة من سجناء الرأى الموجودين بقسم حلوان موجهة أيضا إلى منظمات حقوق الإنسان والأعلام والأحزاب السياسية، ومع ذلك لم يتحرك أحد لنجدة هؤلاء الأبطال وإنهاء تلك المأساة التى تشكل جريمة متكاملة الأركان!
والغالبية العظمى من هؤلاء مقبوض عليهم فى المظاهرات السلمية التى قامت رفضا للانقلاب!! وفى الدول الديمقراطية تجد معاملة هؤلاء بالسجون مختلفة تماما، وسرعان ما يتم تحديد مصيرهم ولا يجدد حبسهم إلا نادرا، أما عندنا فحكم العسكر له أسلوبه الوحشى فى معاملة المعارضين له، وهو بمنزلة بلاء على البلاد والعباد من حق كل مصرى وطنى أن يطالب بإسقاطه، وأقول للمجنى عليهم من حكم البطش والإرهاب إن شاء الله الفجر قادم حتى ولو طال الليل.

رأي المدون:
باب الحريات ....
ولا يوم من أيامك يا د مرسي

التاريخ يسجل

السبت، 23 نوفمبر 2013

عن الذين يعيدون الإخوان للحگم

بوابة الشروق
مصطفى النجار
مصطفى النجار نشر فى : الجمعة 22 نوفمبر 2013 

كل أنظمة الحكم التى تصر على إنكار الحقائق وقراءة الواقع الحقيقى تمهد الطريق لسقوطها، النظام الذى يتغافل عما لا يريد أن يسمعه ويسعد بأبواق التزييف ويطلق العنان لأصوات ومنابر مأجورة تبرر كل ما يفعل يقود نفسه للهلاك.
المشهد السياسى فى مصر شديد التقلب ولا دوام فيه لرضا ولا سخط من تحبه الجماهير اليوم قد تسقطه غدا والترمومتر السياسى لدى المصريين أصبح ناضجا بدرجة كبيرة تسمح لهم بالفرز واعادة تقييم المواقف فى وقت قصير.
حذرنا منذ بداية الأزمة وأكدنا أن طريقة العلاج والتعاطى مع المشكلة هى التى ستحدد شكل المستقبل وأن كل خطأ نرتكبه سيكون لصالح الطرف الآخر أكدنا أنه لن ينجح أى نظام حاكم عقب ثورة يناير إلا إذا تحالف مع الثورة وعمل لتحقيق أهدافها لكن لم تفهم السلطة هذه المعادلة وانطلقت تكرر أخطاء من سبقها بدءا من طريقة تشكيل الحكومة ولجنة الدستور ومرورا باعتماد الحل الأمنى كعلاج وحيد مع انتهاكات حقوق الانسان وحرية الرأى والتعبير.
كنا ننتظر من القلة الحكيمة داخل السلطة أن تتدارك الأخطاء وألا تقع فى الفخ الذى نصب لها بعناية ولكنها رضخت لابتزاز وتهديد الجناح الفاشى الذى يقود مصر إلى المجهول.
الاستطلاع الأخير لمؤسسة زغبى ــ وهى مؤسسة ذات مصداقية عالمية فى اجراء الاستطلاعات والبحوث ــ والذى أجرته فى سبتمبر مع عقد مقارنة بشهرى مايو ويوليو الماضى ترسم النتائج النهائية له صورة جديدة وخطيرة تنبأ بها العقلاء، الاستطلاع تم عبر عينة منهجية وممثلة للمصريين شملت مناطق مدنية وريفية حيث تم عمل المقابلات فى مناطق القاهرة ــ الجيزة ــ الاسكندرية ــ بورسعيد ــ السويس ــ المنصورة ــ طنطا ــ شبرا الخيمة ــ أسيوط ــ المنيا ــ بنى سويف.
الواقع الذى كشفه الاستطلاع يقول إن الثقة فى المؤسسة العسكرية انخفضت من 93% فى يوليو إلى 70% فى سبتمبر أما القضاء انخفضت الثقة فيه من 67% فى مايو إلى 54% فى سبتمبر، أما عن الشرطة فتعتبر النسبة مستقرة نسبيا بـ 52% فى مايو مقابل 49% فى سبتمبر.
أما نسبة الثقة فى الحكومة الانتقالية فهناك42% فقط لديهم ثقة فى الحكومة الانتقالية بينما فقد 52% من المصريين الثقة فى الحكومة. أما القادة السياسيون فالسيسى يحتل أعلى نسبة تأييد 46% بينما يرفضه 52 % أما الرئيس المؤقت عدلى منصور لم تتجاوز نسبة الثقة فيه 39% بينما يرفضه 58 % أما الرئيس المعزول محمد مرسى بلغت نسبة تأييده 44% بينما رفضه 54 % من المصريين!
أما القوى السياسية فبلغت نسبة مؤيدى الاخوان فى سبتمبر 34% (26% فى مايو و24% فى يوليو) بينما رفضهم 59 % من المصريين.. أما حزب النور فانخفضت نسبة تأييده إلى 10 % مقابل 86% لا يثقون فيه، ومثله جبهة الانقاذ التى تدنى تأييدها إلى 13% مقابل رفض 84 % من المصريين لها وعدم ثقتهم بها، أيضا تراجعت شعبية حركة تمرد حيث قال 62% من المصريين إنهم لا يثقون بحركة تمرد مقابل 35 % يؤيدونها، أما نسبة المصريين الذين ليس لديهم ثقة فى اى حزب فبلغت فى سبتمبر 17 % بعد أن كانت فى مايو 39%.
أما الجزء الأخطر من الاستطلاع حول تقييم المصريين لعزل مرسى بعد مرور3 شهور على العزل حيث أبدى 46% من المصريين تأييدهم لعزل مرسى بينما رأى 51% أن قرار عزله بهذه الطريقة لم يكن صوابا بعد ما تبعه من نتائج ورأى 35% ان مصر احسن حالا بعد 30 يونيو و46% قالوا انها صارت أسوأ بينما رأى 18% انه لم يتغير شىء.
أما عن موقف المصريين من المصالحة وادماج الاخوان سياسيا يرى 50 % من المصريين ضرورة حظر الاخوان سياسيا بينما يرى 42 % ضرورة وجود صيغة جديدة لادماجهم سياسيا بينما يرى 79 % من المصريين أهمية المصالحة الوطنية بشكل عام مستقبلا ويرفضها 21 % وفى نفس الوقت يرى 35% من المصريين ان جماعة الاخوان هى العقبة أمام تحقيق المصالحة بينما يرى 23% أن الجيش هو العقبة ويرى 17% أن المزاج العام هو العقبة لتحقيق المصالحة.
أعلم أن مجرد نشر هذه الأرقام التى لا يمكن التشكيك فى مصداقيتها سيثير عاصفة من التخوين والتشكيك التافه الذى تعودنا عليه من خفافيش الظلام والنخب المتعسكرة ولكن ضميرى يأبى إلا أن أدق جرس الانذار لأؤكد أن الفترة الانتقالية فى خطر وأن تحالف 30 يونيو الذى انهار بسرعة أعاد تشكيل المعادلة السياسية فى مصر بين أطراف ثلاثة:
الأول: جماعة الإخوان وحلفاؤها.
الثانى: مؤيدو أى سلطة ــ رغم سلبياتها ــ ومن ورائهم جماعات المصالح المرتبطة بنظام مبارك من المروجين للدولة الأمنية القمعية.
الثالث: جناح الثورة الذى يدافع عن الديمقراطية ويعادى الاخوان وفلول مبارك وشارك فى 25 يناير و30 يونيو من أجل الديمقراطية ويرفض عودة الاخوان أو عسكرة الدولة والعودة لزمن القمع وصناعة نموذج مشوه للديمقراطية.
الفزاعات الوهمية التى يتحصن بها الفاشلون لتخويف الناس وتبرير الاخفاق لن تصمد طويلا لأن الناس ستتضج بالشكوى اقتصاديا وأمنيا وحقوقيا لتتحرك كتلة رفض وسخط عشوائية إما أن تنفجر فى وجه السلطة لتنهار العملية السياسية أو تمارس التصويت العقابى ضدها وضد حلفائها لتدخل مصر فى غياهب المجهول، الأرقام المذكورة سلفا يجب أن تُقرأ بعناية من النظام الحاكم واذا أُجريت انتخابات نزيهة بلا تزوير مع هذه الأرقام فنتائجها ستكون كارثية لسلطة تتهم الناصحين وتخونهم بدلا من أن تسمع لهم وتصلح مسارها.
لا أحد يدرى ماذا ستحمل الأيام.
رأي المدون :
مصر بيد أبنائها ... إلى نفق مظلم                    التاريخ يسجل

الثلاثاء، 19 نوفمبر 2013

تَعِسَ الشاكم والمشكوم!

بوابة الشروق
بلال فضل

بلال فضل نشر فى : الإثنين 18 نوفمبر 2013 

محمد مرسى كان يتمنى أيضا أن يكون شاكما بأمر الله، لكن معدل ذكائه لم يخدمه فى قراءة الواقع المحيط به، لعلك تذكر اللحظة التى تصرف فيها كأن له ملك مصر وهذه الأنهار تجرى من تحته، وقال قولته الشهيرة «وفيها إيه يعنى لما شوية ناس تموت عشان البلد تمش»، دون أن يدرى وقتها أن الله سيبتليه هو ومن صفقوا له بمن يحول تلك المقولة إلى واقع مر يموت فيه هو وأنصاره ويفقدون حرياتهم وحقوقهم على أيدى أناس تختلف مشاربهم وأفكارهم ولا يجمعهم سوى مبدأ وحيد هو «وفيها إيه لما شوية ناس تموت عشان البلد تمشى».
كثير من أنصار مرسى يجاهرون الآن بأن سر وكسته كانت أنه لم يشكم معارضيه بما فيه الكفاية، وهو نفس ما يعتقده الذين ينهالون سبا ولعنا على حكومة حازم الببلاوى التى يرون أنها لا تشكم الإخوان وأنصارهم وطابورهم الخامس بما فيه الكفاية، ولذلك يملأون الدنيا صراخا لاستعجال اليوم الذى يحكم فيه الفريق عبدالفتاح السيسى البلد «رسمى فهمى نظمى» ليتمكن من شكم الأحوال المنفلتة وإنهاء مناخ الترقب المدمر للأعصاب، وبالطبع لن تبخل عليه كل أجهزة القمع التى استعادت لياقتها الكاملة، وربما لو خلصها السيسى من شوكة «الجناح الديمقراطى» المحشورة فى زور الوطن لأعادت أمجاد الستينيات فى لمح البصر، خاصة أنه لم يعد ينقصنا شىء الآن، فلدينا قائد ملهم وإعلام «مايقولش لأ» ومثقفون مضبوطون على وضع التبرير، والأهم من كل ذلك «شعب فرحان تحت الراية المنصورة».
لكن كيف سيشكم الفريق السيسى البلد إذا حكمها سواءً بنفسه أو من خلال «ميديفيديف» محلى الصنع؟، هل سنستورد من روسيا السلاح والقمح والقمع بكاتم الصوت أيضا؟، هل سيصبح خيارنا الديمقراطى منحصرا بين أن تؤيد السيسى بجنون أو تؤيده بشدة أو تؤيده سادة؟، هل ستنتج ماكينة ترزية القوانين التى تم تزييت تروسها فى وزارة العدل المزيد من التشريعات لتجريم من يجرؤ على انتقاد أكبر رأس فى البلد، فنعود إلى عصر الاستئساد على عبيد المأمور دون المأمور؟، وإذا فكرت الدولة أن تقوم بتفعيل مشروعات القوانين التى تحاول سد ثغرات الشكم المباركى، بملاحقة كل من يخرج على النص سواءً فى الفضاء الافتراضى أو جرافيتى الحوائط أو مدرجات الملاعب بل وحتى فى شاشات المحمول، فهل ستكفى مليارات الخليج لتأمين الموارد اللازمة لتمويل حربها اليومية مع جيل الشباب الذى لم تكتف الدولة بقتل أحلامه، بل تريد أيضا قتل رغبته فى السخرية والرفض بل وحتى الصراخ بأسماء رفاقه الذين ماتوا فى عز الشباب ليبقى عواجيز الدولة فى عز السيطرة؟، وإذا اكتشفت دولة اللواءات أنها لن تستطيع أداء دور الشاكم القوى الذى يعيش على المعونات ويطلب رضا المجتمع الدولى «فى بروجرام واحد»، فكيف سيكون منظرها أمام أنصارها الذين أدمنوا طعم الدم واستحلوا القمع ووجدوا فيه حلا لكل مشاكلهم مع كل صاحب رأى مخالف؟، ومن الذى سيدفع فى النهاية ثمن العنف غير المشبع الذى تغذيه الدولة وإعلامها وهى تظن أنها ستبقى آمنة من عواقب انفجاره المروعة أجارنا الله منها.
لعل التاريخ الحديث لم يعرف حاكما تمكن من شكم شعبه مثلما فعل الديكتاتور الألبانى أنور خوجة، لك أن تعرف أنه قام ببناء حوالى مليون برج مراقبة عسكرى بامتداد حدود ألبانيا، فى وقت كان يمكن بتكلفة بناء برجين للمراقبة أن تبنى شقة سكنية بها غرفتى نوم، وكان يصل بك الأمر إلى دخول السجن إذا قمت بتوجيه هوائى التليفزيون تجاه إيطاليا، وكما تقول الكاتبة الكرواتية سلافينكا دراكيوليتش فى كتابها البديع «المقهى الأوروبى» الذى درست فيه أحوال دول أوروبا الشرقية عقب انهيار أنظمتها الديكتاتورية، فقد ساعدت تلك الأبراج أنور خوجة على البقاء، لكنها لم تساعده على الاستمرار مسيطرا إلى الأبد كما كان يظن، وكان الثمن الذى دفعه البلد غاليا جدا عندما جاءت لحظة الانفجار فى عام 1991، فقد قام الشعب الذى ظل يسبح بحمد أنور خوجة سنين طويلة بتدمير كل شىء: المحال والمستشفيات والمصانع والمدارس بل وحتى المخابز، ولم يحدث فى أوروبا الشرقية كلها ذلك القدر من العنف المدمر الراغب فى محو الماضى ولو حتى بتدمير الذات.
للأمانة، لا أحد من كبارات البلد الآن يعتقد فى إمكانية تكرار سيناريو الحديد والنار الذى قدم خوجة والقذافى و«الأسدان» وصدام وتشاوشيسكو نسخا متنوعة البشاعة منه، برغم أن الكثير من أنصارهم فى الشارع يظنون أنه لا توجد مشكلة فى إعادة تنفيذ تلك النسخ بإخراج مصرى خاص «طالما الشعب مبسوط وعشان البلد تمشى»، لكن سلطة اللواءات وموالسيها الجدد يعلمون صعوبة تحقيق ذلك فى ظل العيون العالمية المفتوحة على اتساعها لمراقبة ما يحدث فى مصر ليس حبا فى الديمقراطية بل خوفا من تدهور أوضاع مصر بشكل يهز استقرار المنطقة كلها، ولأن من فى السلطة يدركون أن ذلك ما يهم الدول الكبرى حقا، لذلك يعملون بكل همة ونشاط على إعادة ماكينات إنتاج الفتات للعمل بكل طاقتها لإظهار كرامات التفويض للشعب فى أسرع وقت، لكى يمنح بركاته للنظام السياسى الجديد الذى يجرى تهجينه الآن من حاصل ضرب تجارب روسيا وإيران والصين وكازاخستان وفنزويلا وكوبا وأى تجربة «معفنة» تساعدنا على أن يكون لدينا حاكم شاكم وطبقة لواءات مسيطرة وطبقة مدنيين متعاونة وطبقة شباب مدجنة و«ملايين الشعب تدق الكعب» وتعاود ما وجدت عليه آباءها وهو المشى جنب الحيط.
تبدو كل عناصر الطبخة مكتملة نظريا، باستثناء عملية تدجين الشباب الذى تظن سلطة اللواءات أن حل مشكلتها معه يكمن فى تصفية جيل يناير وتصعيد جيل يونيو، لكن الأيام ستكشف لها أن مشكلتها مع شباب مصر أعمق وأعوص وأعقد من مشكلتها مع أسماء بعينها أو حركات بذاتها، فهى مسألة صراع حياة أو موت بين الماضى والمستقبل، الآن يظن الماضى المنتشى أنه يمكن أن يستمر إلى الأبد دون حتى أن يقوم بعمل «نيو لوك» يناسب القرن الحادى والعشرين، وربما يفكر فى عمله قريبا لو لزم الأمر، لكن، وبرغم أن المستقبل الآن مرتبك ومشتت ومجهد وحائر، فإنه سينتصر حتما، ليس بفضل ذكائه، بل بفضل غباء الماضى الذى سيعجل بانتهاء عمره الافتراضى.
«وبكره تشوفوا مصر».



رأي المدون :

الاستاذ بلال فضل
معروف عنك إنك جرئ جداً .. جدا ...جداُ في عرض أفكارك ولكني في هذا الزمن الردئ أخشى عليك من التعليق ... ولذلك فإن رأيي هو .... بدون تعليق

التاريخ يسجل