شريط البيبي سي

السبت، 20 أغسطس 2011

إلا الجيش

إلا الجيش
  بقلم   على السيد    ١٩/ ٨/ ٢٠١١
لم يتعرض الجيش المصرى، بأفراده وضباطه وقادته ومجلسه لمأزق كبير وخطير منذ نكسة ١٩٦٧، مثلما يتعرض هذه الأيام ، فالجيش المقاتل وجد نفسه فجأة وبلا تخطيط منه، فى بحر متلاطم الأمواج، متعدد الرؤى ومتناقض الانتماءات، بحر يسبح فيه الناس كل حسب هواه، ويرفضون التلاقى عند شاطئ واحد، أو حتى التجمع قرب شاطئ واحد. الجيش، أى جيش، لا يعرف العمل إلا بخطة محكمة، ليس فيها رؤى متصارعة ومتضاربة، ولا يعرف سوى أن يصيب هدفه بدقة متناهية. الجيش المصرى الذى عرف كيف يقاتل الأعداء بجلد فى حرب الاستنزاف وبذكاء فائق فى حرب أكتوبر فى موقف لا يحسد عليه الآن. إذ يتعرض كل يوم لنقد جارح وسب مهين من كثيرين مازلنا حتى اللحظة نشك فى انتماءاتهم، وما إذا كان ولاؤهم لـ«رب المال»، أم لوطن ينتظر أعداؤه بشغف متى يغرق فى الفتنة.

ربما لا تعرف، كما لا أعرف، لماذا كل هذه الإهانات والتجريح؟ ولحساب من؟ فأنت رأيت بعينيك أن جيشك العظيم لم يطلق رصاصة واحدة على صدر مواطن، مثلما يحدث الآن فى ليبيا وسوريا واليمن، وتعرف أن جيشك الباسل لولا أنه انحاز إلى الشارع المصرى ما سقط النظام، ولولاه لـ«بقينا» حتى اللحظة غارقين فى حمام من الدماء أو ضائعين وسط محاكمات استثنائية لكل من خطط ودبر، لما كان سيسمى الانقلاب على الحكم.
ووقر فى يقينك أن قادة الجيش جلسوا مع الكبار والصغار واستمعوا لكل من كان لديه وجهة نظر، وتحملوا الكثير من الرذالات والتناقضات والثرثارات الفارغة والسفسطة المقيتة، ووسعوا صدورهم إلى أقصى مدى، حتى ظن الصغار أن هذا ضعف، فراحوا يمارسون الابتزاز ليحصلوا على «مزايا خاصة جدا»، وحين لم يجدوا من يوافقهم سبوا وهاجموا ورفعوا أصواتهم بـ«العواء». وأنا أعرف أن الثوريين الأتقياء يقدرون الدور العظيم الذى لعبه الجيش المصرى منذ ٢٥ يناير وحتى اليوم، ويعرفون مدى دعمه لنجاح الثورة، ويدركون أنه لولا قيادة الجيش للبلاد لدخلنا فى «فوضى عارمة»، ولتحول البلد إلى ميليشيات تتصارع على السلطة،
 فهل كنت ستقبل بمجلس رئاسى لا تعرف منه أحداً، وهل كنت ستوافق على أن يحكمك أشخاص لم تسمع عنهم من قبل وتشك فى أفكارهم وميولهم وانتمائهم، ثم ماذا لو لم يتسلم السلطة رجال عرفوا طوال تاريخهم العسكرى أنهم يفتدون الوطن بأرواحهم، هؤلاء الذين حملوا الأمانة، ومازالوا، وليس من بينهم طامع فى السلطة أو عميل لغير الوطن، فلماذا يهاجم هؤلاء إذن رغم أنهم عملوا طوال الفترة الماضية، وفقا لما سمعوا وحللوا، ووفقا لما تقتضيه المصالح العليا للبلاد، ووفقا لما تمليه عليهم ضمائرهم اليقظة.
وإذا كان البعض وصل إلى درجة من السخف والاستخفاف بعقول الناس وراحوا يعملون على الفصل بين «المجلس الأعلى للقوات المسلحة» والقوات المسلحة، باعتبار أن الأول يحكم البلاد الآن ، وأن سبه وإهانته أو نقده لا علاقة لها بالجيش فهذا «غباء بيّن» وتحايل رخيص، لأن المجلس هو مجلس أعلى للقوات المسلحة وليس لرئاسة الجمهورية، مجلس أضيف إلى أعبائه الجسيمة عبء خطير وهو قيادة البلاد فى ظرف مؤقت واستثنائى.
 المجلس الأعلى، كما أوضح قادته منذ اللحظة الأولى، هو مجلس يدير شؤون البلاد، وفى الوقت نفسه هو مجلس أعلى للقوات المسلحة المصرية. ومن الجهل أن نقول إن المجلس الأعلى يقوم بعمل رئيس الجمهورية، لأن هذا غير صحيح بالمرة، والصحيح أن المجلس «يدير» البلاد إلى أن يتم انتخاب رئيس للجمهورية، وكل ما يصدر عنه من مراسيم وقرارات هو من أجل «العبور» من المرحلة الحالية، إلى حيث يشرع البرلمان ما يشاء من قوانين، ويكون «جمعية تأسيسية للدستور»، بل يحق له أن يلغى كل ما صدر فى المرحلة السابقة من قرارات وقوانين إن رأى أنها غير مناسبة فى مرحلة الاستقرار. وكل ما قدمه المجلس الأعلى هو اجتهادات قد يخطئ فى بعضها، وقد يصيب فى بعضها الآخر، لكنها فى النهاية اجتهادات القصد من ورائها نبيل.
فقبل ٢٥ يناير لم يكن أحد يجرؤ على نقد «الجيش»، بل لم يكن مباحا حتى مديحه إلا بإذن، وهكذا تفعل معظم بلدان العالم بما فيها الدولة العريقة فى الديمقراطية. الجيوش «خط أحمر» لا يجوز الاقتراب منه لأنها عالم لا يناقش أموره أو مشاكله إلا رجاله العارفون والموثوق فى ولائهم. فتسريب معلومة واحدة عن جيش ما يمثل كارثة كبرى فى النظام العسكرى، والجيش لا يدخل فى علاقة مباشرة مع المدنيين إلا عند الكوارث ويتدخل دائما فى اللحظة الحاسمة وللصالح العام، وهكذا فعل جيشنا.
تولى الجيش مهام حفظ الأمن فى ٢٨ يناير، ثم مهام إدارة شؤون البلاد بعد تنحى مبارك، وبدلا من أن نقدم له الشكر والامتنان قدمنا له الطعنات الغادرة، ونسينا أو تناسينا أن المجلس الأعلى هو الكيان الكبير لقواتنا المسلحة والمعبر عن جيشنا العظيم، ومن المستحيل الفصل بين الجيش ومجلسه الأعلى.
وإذا كنت متابعا لـ«تويتر، وفيس بوك» فستسمع وتقرأ أقذع أنواع «السباب» وليس النقد. «سباب وتهم» لا تصلح إلا للأعداء، فما بالنا إذا كانت موجهة لأشخاص فى المجلس العسكرى، بل لم يسلم المشير حسين طنطاوى، الذى لم يكن متاحا لأحد أن «يمتدحه»، فما بالنا بأن يتم الأساءة اليه الآن. وأنا لن أتوقف طويلا أمام الإهانات الجارحة، ولكنى سأتوقف أمام الهدف الجهنمى من وراء سب الجيش وقادته، انظروا معى إلى ما كتب على «جروب» يطالب بنقد أعمال المجلس العسكرى:
١- «إيماناً منا بحرية التعبير عن الرأى. وإيماناً منا بأهداف ثورة ٢٥ يناير التى قامت لتسقط عمليات القمع المستخدمة ضد شباب مصر الأحرار. فنرجو قبول الدعوة بانتقاد المجلس العسكرى الذى يعمل عمل رئيس الجمهورية ويتمتع بصلاحياته وانطلاق التدوينات على مواقع التواصل الاجتماعى فيس بوك وتويتر يوم الجمعة ١٩/٨».
٢- «المطلوب من كل شخص يكتب ٥ جمل أو أكثر على صفحته الشخصية هذا اليوم ينتقد فيها أعمال العنف التى يستخدمها المجلس العسكرى ضد الثوار والثورة أو يصور فيديو ينتقد فيه المجلس وينشره على اليوتيوب».
٣- «المجلس العسكرى يعتقل الثوار ويحاول قتل الثورة لأنه يخشى من فتح ملفات فساده.. كما أنه بعد أن ذاق طعم السلطة.. فلا يريد العودة إلى الوقوف كطابور تشريفات لأى رئيس، كما كان يفعل أيام مبارك ... ولماذا لا يستمرئ السلطة وهى قد أتت له على طبق من فضة مقدمة من الثوار، الذين أغمضوا عيونهم حينها عن حقيقة أن المجلس هو جزء من نظام مبارك الذى طالبوا بإسقاطه لا إسقاط مبارك وحده».
ستلاحظ أن هذه الدعوات تحريض رخيص على الجيش، وستجد مطالب بنقده بدون وقائع، أى مجرد «سب وقذف»، وستلاحظ أن تهم العنف الموجهة للمجلس لا تعرف مع من كانت؟
وهل هو عنف مبرر أم دفاع عن النفس أم عنف للعنف، أم أن الأمر «محض افتراء»، وستلاحظ أيضا أن «التحريض» وهو تهمة يعاقب عليها القانون، أصبح من أسس «حرية الرأى». الأخطر هو ما جاء فى الفقرة الثالثة، وبالتحديد السطر الأخير من هذه الفقرة الذى يعتبر المجلس جزءا من «نظام مبارك» كان ينبغى إسقاطه أيضا، هنا تفهم المغزى الحقيقى من وراء الحملة المدبرة والمنظمة على قواتنا المسلحة، وهو إسقاط هذه «المؤسسة الحامية والحارسة» للوطن.. لماذا؟
 لكى تعم الفوضى، وتنتشر الاضطرابات، وتتفشى الصراعات ويتفكك الوطن تماما كما حدث فى العراق، حين سقط النظام كان القرار الأول هو «حل الجيش» ليحل الخراب والدمار، فحل الجيش معناه إسقاط الدولة وليس النظام فقط، إذ لا يمكن إحداث فوضى فى بلد ما وجيشها قوى وقادر على قيادة البلاد، ومنع سقوط الدولة أو انهيار المؤسسات كما حدث فى العراق الذى لو ظل جيشه لظلت الدولة، لكن أعداء العراق أرادوا أن يدمر البلد بالكامل فكان لهم ذلك بـ«حل الجيش».
وتأمل معى «التهم المجانية» التى توجه إلى «قادة خير أجناد الأرض»:
«إنهم يعتقلون الثوار، لكى لا يتم كشف فسادهم»، فتسأل من هؤلاء الثوار ومتى تم القبض عليهم ومن قبض عليهم، لتكتشف سريعا ألا شىء من هذا حدث، ثم تسأل كيف عرف هؤلاء «من مجهولى النسب والهوية، على «فيس بوك» بالفساد الذى ارتكبه أعضاء المجلس الأعلى، وكيف يمكن اتهام «كل قادة جيش مصر» بالفساد؟
 اللهم إلا إذا كان مطلق التهمة يريد تدمير سمعة جيشنا العظيم لـ«حساب جهات ودول وأنظمة» تريد لنا الخراب الدائم.فلا أحد يستطيع توجيه تهمة «لشخص عادى» إلا بدليل قاطع يقدم لجهات التحقيق، وهى وحدها التى تفصل فى «التهمة»، و بما أن الجيش وحده من يمتلك «صندوق أسراره» وهذا حقه لا ينازعه فيه أحد، فلا يمكن توجيه مثل هذه التهم «البشعة» لقادته، وتوجيهها ليس مجرد «سب وقذف» بل جريمة ترقى لـ«الخيانة».

رأي المدون :

يجب أن نؤكد على حقيقه هامه .... هي أن الجيش في مصر الأن هو العمود الفقري لجسد الامة المصريه و إذا إنهار ينهار الجسد كله
مطلوب الأن التأكيد على عدة حقائق :
أولا : أن الديمقراطيه المطلوب ممارستها لا يجب أن تمارس الان على الجيش الذي يحكم لفتره إنتقاليه ثم يقوم بتسليم السلطة إلى الشعب .
ثانيا : يجب أن يكون هناك العذر الكامل للمجلس العسكري لأنه يحكم في فترة شديدة الحساسيه ( بعد الثورة ) ويجب أن نترك له الفرصه كامله لترتيب الأوراق التي إن لم تعجبنا مستقبلا فسوف نغيرها عن طريق الديمقراطيه .
ثالثا : كل المطلوب من المجلس العسكري الأن هو أن يقوم بوضع خطة زمنيه دقيقه لتسليم السلطة إلى الشعب في أقرب وقت لمنع التصادم المقصود أو غير المقصود بالقوى السياسيه الموجوده على الساحة متباينة الأغراض والأهداف .
أويدك يا أستاذ / علي السيد في عنوان مقالك ( إلا الجيش )
التاريخ يسجل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق