شريط البيبي سي

السبت، 23 يونيو 2012

«العرس» الديمقراطي


محمد سلماوي
Fri, 22/06/2012 - 11:20



بعد عام ونصف العام من الممارسة الديمقراطية العظيمة أصبح من حقنا الآن فى مصر أن نفخر بما يهوى إعلامنا المجيد أن يسميه «العرس» الديمقراطى، والعرس هو حفل الزواج، وقد تزوجنا الآن الديمقراطية زواجاً كاثوليكياً أو قبطياً مما لا طلاق فيه إن شاء الله. وفى تونس الشقيقة يقولون إن العريس والعروسة «معرسين»، وفى رحلة أخيرة إلى تونس انتظرت دورى فى أحد المتاجر الشعبية التى كان البائع منشغلاً فيها بتلبية طلبات شاب وفتاة كانا قد سبقانى إلى المتجر، ولما طال انتظارى بعض الشىء توجه إلى صاحب المتجر طالباً المعذرة موضحاً أن الشاب والفتاة «معرسين»، فقلت له: لا عليك فعندنا أيضاً «المعرسين» يأخذون دورهم أولاً!
ولأن «المعرسين» (بالمعنى التونسى) كثيرون فى بلادنا، فقد كان العرس الديمقراطى عندنا أكثر سخاء منه فى أى من الديمقراطيات العريقة التى لا تعرف الأعراس ولا «المعرسين»، لذلك فقد انفردنا بين سائر دول العالم بأن حبانا الله فى العرس الديمقراطى الأخير وهو انتخابات الرئاسة، برئيسين اثنين وليس رئيساً واحداً كسائر الديمقراطيات، ولما كانت قد قامت فى مصر ثورة كان من بين هتافاتها فى ميدان التحرير «مدنية مدنية.. لا عسكرية ولا دينية» فقد جاء الرئيسان أحدهما عسكرى والثانى دينى حتى يكون للشعب الاختيار الحر بين ما لا يريده وما يرفضه.
وفى الحالتين فالذرية فضيحة، تماما كالزوجين الأسمرين اللذين أنجبا توأمين لا يعرفان من أين جاءا فأحدهما أبيض والثانى أصفر.
ولقد ابتدع توأم الرؤساء عندنا تقليداً جديداً لم تسبقهما إليه أى من الديمقراطيات الأخرى، وهو أن يقوم كل منهما على حدة بإعلان نتيجة الانتخابات بعد ساعات قليلة من إغلاق باب التصويت، وبتأكيد فوزه الساحق الماحق على المرشح الآخر دون الحاجة لانتظار النتيجة النهائية للفرز التى ستعلنها اللجنة المكلفة بذلك، والتى لا لزوم لها على الإطلاق فى مثل هذه الأعراس الديمقراطية التى يقوم فيها «المعرسين» أنفسهم بإعلان النتيجة.
ولا يذكر تاريخ الديمقراطية فى العالم أن المتسابقين فى أى سباق ـ رئاسياً كان أو رياضياً ـ كانوا هم الذين أعلنوا نتيجة السباق أو أن أحدهم أعلن أنه هو الفائز، فلا رأينا الرئيس الفرنسى فرانسوا أولاند يعلن نفسه رئيساً على فرنسا ولا الرئيس الأمريكى أوباما من قبله، بل إن الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش الابن ظل ينتظر النتيجة وقتاً طويلاً وهو صامت فى خشوع، بينما كانت تقوم اللجنة المختصة بإعادة فرز أصوات ولاية فلوريدا بعد أن تم الطعن عليها، ذلك أن أياً من فرنسا أو الولايات المتحدة لا تعرفان ظاهرة «العرس» الديمقراطى، ولا تعرف الانتخابات عندهم ظاهرة «المعرسين».
وفى لقاء دبلوماسى منذ أيام تساءل الحضور: يا ترى من من المرشحين سيكون الفائز؟ فقلت: على ما يبدو فإن الاثنين قد فازا بالفعل، فأبدى سفير اليابان ملاحظة فى محلها حين قال: الفائز الحقيقى فى هذه الانتخابات سيكون ذلك الذى سيهنئ الآخر بفوزه، فبهذه التهنئة تكون مصر قد فازت بالديمقراطية الحقة، ودلل سفير إحدى دول أمريكا اللاتينية على ذلك قائلاً إنه وجد عند غالبية من تحدث إليهم من المصريين أن الفائز الحقيقى فى الجولة الأولى لانتخابات الرئاسة كان السيد عمرو موسى الذى التزم قواعد اللعبة الديمقراطية، واحترم النتيجة التى أفضت إليها، وبوصفى أحد العاملين فى مجال الإعلام أردت أن أشرح للسفراء أن ما نشهده فى مصر الآن إنما هو «عرس» ديمقراطى، لكنهم لم يفهموا، فلم أقص عليهم تفاصيل رحلتى إلى تونس.
رأي المدون 
سؤال هام إسمح لي يا أ - محمد سلماوي أن أطرحه عليك.
عندما تريد أن ( تعرب ) الكلمة التي إستخدمتها في المقال الرائع وهي كلمة العرس هل نستطيع أن نشكلها لنقول إنها إسم أم صفه أم مؤهل دراسي أم رتبه وظيفيه ؟
أعتقد أن الإجابه على هذا السؤال ستكون واضحة كل الوضوح بعد ظهور نتيجة الإعاده في إنتخابات الرئاسة ظهر الأحد القادم هذه النتيجة التي تعاني من ولاده متعسره حتى الأن : في إنتظار التعليمات.
التاريخ يسجل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق