شريط البيبي سي

الثلاثاء، 12 نوفمبر 2013

هامش للديمقراطية.. كيف يباعد بيننا وبين التعلم من خطايانا؟




عمرو حمزاوي يكتب في الشروق : الاثنين  11/11/2013
نعود إلى البدايات: بينما تمكن مساحات الحرية والتعددية واحترام حقوق الإنسان فى الديمقراطيات مؤسسات الدولة وأجهزتها وقوى المجتمع من ممارسة النقد الذاتى إن باتجاه إخفاقات الماضى, أو أزمات الحاضر وبهدف الإصلاح المستمر والتغيير الإيجابى وتحقيق التقدم ـــ تتسم الفاشيات ونظم الحكم الشمولية والسلطوية والنظم المسخ بجمود بنيوى لا يمكنها من الكف عن الإجراءات القمعية وبعجز شامل عن ممارسة النقد الذاتى يجعلها تكرر خطايا انتهاك حقوق الإنسان والانتقاص من حريات المواطن إلى حد إلغاء وجوده الفردى والإنسانى وهيمنة المؤسسات العسكرية والأمنية وغياب الرقابة والمساءلة والمحاسبة وانتشار الفساد «المحصن والمحمى» بشبكات المصالح العامة والخاصة ويرتب من ثم أزمات طاحنة لدولها ومجتمعاتها وتحول دون تحقيق التقدم ومواكبة الروح الديمقراطية لزمننا الراهن.
وفى مصر اليوم، تتراكم شواهد جمود نظام الحكم وعجز النخب المسيطرة على ترتيبات ما بعد ٣ يوليو ٢٠١٣ عن الابتعاد عن خطايا الماضى أو إخراج البلاد من أزماتها بسياسات وإجراءات ذات جوهر ديمقراطى أو تعددى. فقد توالت انتهاكات حقوق الإنسان والحريات منذ خمسينيات القرن العشرين على نحو أفقد نظم الحكم المتعاقبة شرعيتها ودفع لإسقاط الرئيس مبارك فى ٢٠١١. وها هى الانتهاكات تعود ــ من إجراءات استثنائية واعتقالات وتعذيب ــ والانتقاص من الحريات يشتد ــ بتقييد التعبير عن الرأى واحتكار المعلومة والمنع والتعقب والاستبعاد وإطلاق أبواق تشويه وتزييف الوعى على الناس ــ وغياب المساءلة والمحاسبة ــ إن لجهة المتورطين فى الانتهاكات أو صانعى القرار فى المؤسسات والأجهزة الحكومية ــ يحتل مجددا الواجهة العامة.
هيمن المكون العسكرى ــ الأمنى على الدولة والمجتمع منذ خمسينيات القرن الماضى ولم يحقق لا التقدم الذى وعد به أحيانا ولا العدالة الاجتماعية التى دغدغ بها مشاعر العامة فى أحيان أخرى ولا الدولة العصرية القوية التى تغنت بها دوما آلته الإعلامية والدعائية. يدرك الباحثون الجادون فى العلوم السياسية أن هيمنة المكون العسكرى ــ الأمنى على الدول والمجتمعات ترتب دوما ضعف معدلات التنمية الشاملة، وتقضى على الفرص الفعلية لتبلور مؤسسات مدنية (تشريعية وتنفيذية وإدارية) ونخب مدنية (حزبية وفكرية وأهلية) قوية وقادرة وذات شرعية مجتمعية (بمعنى القبول الشعبى)، وتحد كثيرا من الإمكانيات الفعلية للرقابة وللمساءلة وللمحاسبة باتجاه مؤسسات الدولة والموظفين العموميين وشبكات الفساد المتداخلة بمكونيها العام والخاص. يعلم الباحثون الجادون أيضا أن تقلد العسكريين والأمنيين للمناصب التنفيذية العليا، ولو تخلوا قبلها عن مواقعهم فى المؤسسات العسكرية والأمنية، يفرض المزيد من عسكرة الدولة وعسكرة المجتمع بل وعسكرة المخيلة الجماعية للشعب المعنى الذى يعود ليبحث عن البطل فى الزى العسكرى ــ أسجل الباحثين الجادين وليس مروجى التعميمات السطحية بشأن وصول عسكريين للرئاسة فى ديمقراطيات كالأمريكية والفرنسية وغيرهما والتشابه المزعوم لهاتين الحالتين مع الوضع المصرى، وهم هنا يتناسون قوة ورسوخ المؤسسات المدنية المنتخبة فى الولايات المتحدة وفرنسا وغيرهما من الديمقراطيات وضعفها واستتباعها للمكون العسكرى ــ الأمنى أو غيابها الكامل فى مصر. وعلى الرغم من ذلك، ها نحن تدفع أغلبيتنا مجددا إلى استساغة هيمنة المكون العسكرى ــ الأمنى، وإلى تأييد تهليلى أو قبول صامت لانتهاكات حقوق الإنسان والحريات، وإلى الترحيب بدستور غير ديمقراطى يجعل من المؤسسة العسكرية دولة داخل الدولة ويباعد بين المؤسسات الأمنية وبين «خطر الرقابة الديمقراطية»، وإلى المطالبة بترشح العسكريين للرئاسة غير عابئة بتداعيات كل هذه الكارثية على الدولة والمجتمع والمواطن وعلى فرص التقدم والتعلم من خطايانا الماضية ومواكبة الروح الديمقراطية لزمننا الراهن الذى نعود لنصبح غرباء عنه بعد أن لمسناه فى ٢٥ يناير ٢٠١١.
غدا هامش جديد للديمقراطية فى مصر.
رأي المدون:
يا علماء مصر في الإدارة . ألا توجد طريقة أخرى لإدارة البلد غير القتل والإعتقال والكرباج.
أغيثونا يرحمكم الله         
التاريخ يسجل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق