شريط البيبي سي

الأحد، 29 سبتمبر 2013

حكاية مسيرة ... وشاهد عيان




بقلم / مجدي فرج سيد أحمد                                                                                    
مساء الجمعة 06/09/2013 أتصل بي صديق قديم يسكن في مدينة نصر وأراد أن يحكي لي ما حدث له في هذا اليوم
صديقي يسكن في عمارات عثمان تقاطع عباس العقاد مع شارع مصطفى النحاس وإنني أنقل على لسانه لأنني أثق في روايته ثقة تامة.
استرسل لي قائلا ....
صلينا الجمعة في مسجد قريب  كالعادة من المنزل وصعدت بعد الصلاة إلى شقتي بالعمارة أتابع في التلفاز أحداث ما بعد الصلاة وكالعادة فتحت على القناة الأولى بالتلفزيون المصري الذي كانت كل الأحداث بها عادية ولا توجد أي أخبار عن مظاهرات.
فجأة وأنا جالس أتابع إذ بصوت يدوي كالرعد في أنحاء المكان وهذا الصوت جماعي قادم من ناحية الحديقة الدولية ... ومن قوة هذا الصوت ارتجت أركان الشقة عندي من صدى الصوت ... خرجت إلى الشرفة أستطلع الأمر ... وجدت مسيرة هائلة قادمة من ناحية إمبي ووصلت إلى الحديقة الدولية وعلى مشارف تقاطع عباس العقاد مع مصطفى النحاس ... لم استطع أن أحدد حجم المسيرة لأنني لا أستطيع أن أرى نهايتها ربما لأن الشارع به ميل إلى أعلى ولكني توقعت من شكل الأعلام التي في المقدمة والتي عليها صور شهداء مذبحة رابعة العدوية والنهضة أن المسيرة كبيرة.
نظرت للأسفل عند التقاطع فوجدت حركة سير السيارات في شارع مصطفى النحاس عادية وكذلك في عباس العقاد ما عدا الناحية الشمال القادمة منها المظاهرات ... ولمحت عدد 6 من رجال الشرطة بالملابس البيضاء يقومون بتنظيم حركة السيارات في هذا التقاطع حتى لا يتعطل المرور.
في الغالب هؤلاء الرجال من رجال المرور رغم أن كل منهم يحمل السلاح الشخصي به .
اقتربت المظاهرة من التقاطع ورغم ترقب الجميع لما يمكن أن يحدث ما بين المسيرة وما بين الشرطة إلا أنهم لم يتحركوا من موقفهم حتى الآن.
اقتربت المظاهرة أكثر ورأى المتظاهرون رجال الشرطة عن قرب ورغم ما في قلوبهم تجاه رجال الشرطة عامة من جراء ما حدث في رابعة والنهضة إلا أنهم لم يفعلوا غير الهتاف ضد الشرطة بهتاف ( الداخلية بلطجية ) وظل هذا الهتاف يدوي في التقاطع مدة طويلة ... حتى أحس رجال الشرطة بأن وجودهم في هذا المكان يستفز المتظاهرين وربما يؤدي إلى تطور الهتاف إلى شيء أخر
انسحب الرجال إلى الرصيف المقابل دون إبداء أي رد فعل متجهين إلى محطة بنزين موبيل الموجودة على ناصية التقطع ورغم إنهم يحملون سلاحهم الشخصي إلا أن تصرفهم بناء على أوامر قائدهم كانت في منتهى الحكمة وتقدير المسئولية.
اقتربت المسيرة أكثر من الشرطة وفجأة ظهر حائط بشري تكون بسرعة رهيبة من عقلاء المتظاهرين يفصل ما بين الجمهور ورجال الشرطة ويمنع من الوصول إليهم واستمر رجال الشرطة في دخول المحطة تاركين الموقع.
نزلت من شقتي تعاطفا مع هؤلاء المتظاهرين وخاصة بعد أن هتف كل الموجودين ( سلمية ... سلمية ) استمرت المسيرة في اتجاه شارع الطيران وصدى صوت المتظاهرين يرج أركان الشارع.
وفجأة رأيت كل المسيرة تنظر إلى أعلى عمارتي التي أسكن فيها حيث شقة الدور السابع اللواء المرحوم / ........ يرفع أبناءه صورة السيسي من الشرفة ويشاورون بها إلى المسيرة تعاطفا مع أبيهم اللواء السابق في الجيش لم يحدث من المسيرة أكثر من النداء بالهتاف الآتي :
أمشي على طول ... سيبك من الفلول
وكانت بعض هتافات المسيرة كالآتي :
أ - يا فجار ... يا فجار  تقريركوا الطبي ... انتحار
- يا بلتاجي ... يا بلتاجي  بنتك أسماء في فؤادي
- يسقط ... يسقط حكم العسكر
ب - يا إعلام ... يا إعلام    اكذب ... اكذب يا إعلام
اقتل ... اقتل يا إعلام    اقبض ... اقبض يا إعلام
مش هنصدق دا الكلام    يسقط ... يسقط حكم العسكر
يا إعلام يا كذاب  بكرة ليلتك تبقى هباب
يسقط ... يسقط حكم العسكر
يا لميس ... يا لميس    لمي جوزك الخبيث
ج - تضحك ... تضحك على مين
إحنا شباب المصريين  إحنا نصير المظلومين
الداخلية ... تمثيلية   العبوه متفبركة
العربية متصفحه    يا وزير الداخلية
تمثيلية ... تمثيلية     يسقط ... يسقط حكم العسكر
د - الثعلب فات .. فات    وفي ذيله سبع لفات
كل ده شغل مخابرات     السيسي قتل خمس تلاف
الشعب صامد مش بيخاف 
اقتل      اسجن        اكذب
ربك شايفك ما بيظلمش
هـ - افضح ... افضح         يا شباب    دول كلاب الانقلاب
يسقط ... يسقط حكم العسكر
و – يا أخواتنا في السجون        إحنا حاكمنا واحد مجنون
وكله ... مخالف للقانون           ربك يبعتلة المنون
حياتنا ورحنا مش هاتهون        كله ... لمصرنا الحنون
إحنا حاكمنا واحد مجنون
ز – ياللي بتسأل إيه القصة... قتلوا أخويا وحرقوا الجثة
الانقلاب هو الإرهاب... يسقط ... يسقط حكم العسكر
استمرت المسيرة في السير في اتجاه شارع الطيران ودخلت الشارع وعلى ناصيته نظرت خلفي لأرى أخر المسيرة وأمامي لأرى أول المسيرة ولم أستطع أن أرى نهايتها ولا بدايتها ومن هذا المكان قدرت أن الموجودين في الشارع لا يقل عددهم عن 20 ألف شخص
سارت المسيرة في شارع الطيران وسألت من بجانبي هي المسيرة رايحه على فين إحنا كده في اتجاه رابعة العدوية
كان السؤال بعشوائية لشاب يسير بجانبي يلبس تي شيرت أصفر وبنطلون أسود وهو في حوالي العقد الرابع من عمرة ... رد عليا والله مش عارف أدينا ماشيين .... أنت قولت رابعة ... ما تفكرنيش أنا كنت كل يوم في المكان ده والله العظيم لقد قابلت في هذا المكان إناس لم أرهم في حياتي وكأنهم الملائكة على الأرض ولقد كنا نتعامل بروحانيه شديد وبنكران عجيب للذات كنا نجد كل شيء أمامنا من مأكل ومشرب ... كنا نرى حسن معاملة الناس لبعضهم وكأننا في الجنة ... كنا نرى النساء تسير في وسط الرجال بدون حرج أو رعب من تحرش أو مساس بهن ... كنت لا أنام في هذا المكان كنت أحضر كل يوم ساعتين أو ثلاثة وأصلي التراويح معهم ثم أنصرف إلى بيتي ... لذلك لم أكن معهم يوم المذبحة ولكني منهم.
لقد غيروا هؤلاء الناس في كثيرا لقد خلقوا مني شخص أخر أتسع قلبه لغيره ولجميع البشر ... يا ليتني نلت الشهادة معهم.
قطع حديثنا شاب يحمل كيس به عصير مثلج يوزعه على المسيرة يأخذ منه من يريد وأغلب السائرين يمتنعون لأنهم حصلوا عليه من زميل آخر.
قال لي شفت هي دي الروح اللي كانت موجودة في رابعة ( إيثار الغير على النفس )هذا المشهد والله العظيم لم أره حتى على أسوار الكعبة حيث كان يتزاحم الحجاج على زجاجات المياه المثلجة ويتقاتلون عليها
استمرت المسيره وعلى شمالنا مساكن كلية البنات وعلي يميننا بعض المساكن الأهليه ... وهنا وقف زميلي الشاب في المسيره ورفع جزء من بنطلونه من أسفل فرأيت آثار جرح قديم قلت له ما هذا ؟ ... قال لي في هذا المكان أصبت بهذا الخرطوش في قدمي وكان هذا في يوم فض الإعتصام حيث لم أحتمل أن أبقى في بيتي وأخوتي يذبحون في الميدان ... حضرت وجازفت فكان نصيبي هذه الإصابه.
إفترقنا بعض هذا الحديث القصير .. قائلا لي لن أصدعك بما حدث لي بعد ذلك ولكن اراد الله لي أن أكون حيا حتى الآن ومازلت أنزل المسيرات المعارضه للإنقلاب
استمريت المسيره في شارع الطيران في إتجاه رابعه العدوية حتى ظهرت أمامنا قوات الجيش بمدرعاتها وظهر على أسطح التأمين الصحي جنود الجيش بأسلحتهم في إنتظار ماذا سيحدث.
فجأه ومره واحده ظهر هذا الحائط البشري العجيب الذي يمنع المتظاهرين من إكمال المسيره في إتجاه رابعه أو في إتجاه رجال الجيش وظهر من ينادي ( يمين يا رجاله ..  مش عايزين حد يبوظ علينا مسيرتنا )
إتجهت المسيره يمينا في إتجاه جنينه مول حتى وصلت إلى شارع عباس العقاد وهي تحمل أعلام شهداء المجزرة وعلى رأسهم صورة الشهيده أسماء البلتاجي
ظهرت في السماء فجأه طائرة رابعه العدوية الصغيره التي كانت تصور متظاهري رابعه من الجو .. ظهرت لتقوم بتصويرنا ونحن نهتف لكثير من الشقق التي تحيي المسيرة بشعار رابعه ( الاربعة أصابع ) ونقول لهم ( أحسن سلام ... أحسن تحية لأبطال الشقه دي )
وصلنا إلى مشارف شارع عباس العقاد ... أذن لصلاة العصر فقام الأغلبية بفرش أوراق على الرصيف وأداء الصلاه جماعه في حين أمتلأ التقاطع بكتل من البشر ننتظر أداء الصلاه
ظهر الالتراس بطبوله العاليه وشبابه الملتهب ليشعل الميدان هتافا
رأيت تجمعا لبعض النساء والبنات حول فتاتين يسلمون عليهم ويهنئونهم ولا أعرف السبب ... سألت ما سبب ذلك وعرفت أنهم أبناء الدكتورة عفت الحديدي وابنتها حفصه أحمد وخديجة إسماعيل اللاتي تم إعتقالهن من قبل داخلية الإنقلاب وأكدن صمودهن واستكمالهن المشوار مهما كلفهن ذلك من تضحيات ومن المعروف أن التهمة التي كانت موجهه إلى أحدهن هي إستحواز مدفع ( RBG )
استمرت المسيره في السير في إتجاه ش مكرم عبيد ... وتتبعها عده سيارات ملاكي تدير تسجيلاتها على أغاني .. ( إسلاميه .. إسلامية ) و ( هي دي  ثورة واللا إنقلاب ) للشهيد محمد بيومي
وصلنا إلى منتصف الشارع حيث فوجئنا بمدرعه من مدرعات الجيش أمامنا وحولها تقريبا حوالي عشرة جنود بأسلحتهم وخوذاتهم .. إيه الحكايه ؟ ... هو إعتراض للمسيرة واللا إيه ؟
إكتشفنا إن هذه المدرعه تقوم بحراسة عاديه لمصلحة الضرائب فرع مدينة نصر وأن هؤلاء الجنود يقومون بواجبهم المكلفين به لحراسة المنشأه
فجأه ظهر الحائط البشري مرة ثالثة لكي يحيط بهؤلاء الجنود وهم يهتفون لهم الجيش إخواتنا ... عبد الفتاح هو السفاح
وتم مرور المسيرة بسلام مشيعه بنظرات الامتنان من جنود الجيش
لم أستطع أن أسير أكثر من ذلك وصلت إلى نهاية شارع مكرم عبيد بجوار التوحيد والنور وإستدرت لكي أعود إلى بيتي سيرا على الأقدام وأنا أحمل شارة رابعه العدويه الصفراء وأنا أحمل في قلبي الآتي:
1-    إن هؤلاء المتظاهرين هم من أطهر شرائح الشعب المصري فهم لا يمالئون حاكما ولا يبغون منصبا ولا مال بل هم يحبون مصر ويبغون وجه الله
2-    إن هؤلاء المتظاهرين حرام أن نصف نصفهم بالإرهابيون فإن ما حدث أمامي ولثلاث مرات يبرهن على إنهم لا يحملون أسلحة ولا حتى حجارة بل لا يملكون إلا أصواتهم وحناجرهم للتعبير عما في قلوبهم بل ويمنعون من يفكر منهم في أكثر من ذلك
3-    أول مره أسير في مظاهرات ولكني أبتداءا من اليوم لن أجد وسيلة صادقه للتعبير عما في نفسي أحسن من ذلك
أحدثك يا صديقي اليوم وأحكي لك ذلك لتعرف ما أحدثته هذه المسيرهفي نفسي من تغيير .. وحتى لا تقول عني إنني إرهابي أقسم بالله أن هذا ما حدث بالضبط وأردت أن أنقل لكم حتى تعرفوا من هو في الشارع الآن
التاريخ يسجل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق