شريط البيبي سي

الأحد، 19 فبراير 2012

إلى أين مصر ذاهبة؟


 الشروق الجمعة 17 فبراير 2012 

جلال أمين


كلما قابلت مصريا، فى هذه الأيام، بادرك بقوله: «هى مصر رايحه على فين؟» (إلى أين مصر ذاهبة؟)، وهو سؤال يحمل علامات القلق والاستغراب وعدم الفهم. وأنا أحمل نفس المشاعر إزاء ما يحدث: القلق والاستغراب وعدم الفهم.

خطر لى، كخطوة أولى نحو الإجابة عن السؤال: «إلى أين مصر ذاهبة؟» أن أحاول تحديد القوى التى يبدو أنها شكلت تطور الأحداث فى مصر خلال العام الماضى، والتى سوف تستمر فى تشكيل هذه الأحداث فى الأعوام القليلة القادمة على الأقل. قلت لنفسى إنها خمس قوى:

1ــ المجلس العسكرى: الذى مازال يمثل أعلى سلطة فى البلاد.

2ــ والثوار: الذين قاموا بثورة 25 يناير ومستمرون فى القيام بالمظاهرات والاعتصامات والاضرابات.

3ــ والفلول: وهم بقايا النظام الذى يحاول الثوار إسقاطه.

4ــ والإخوان المسلمون (وقد نضيف إليهم السلفيين): الذين يمثلون الآن أقوى عناصر البرلمان المنتخب.

5ــ وأخيرا هناك القوى الخارجية، وعلى الأخص الولايات المتحدة وإسرائيل، اللتين يهمهما بوجه خاص ما يحدث فى مصر، وكانت لهما علاقات خاصة بالنظام المراد إسقاطه.

كل من هذه القوى الخمس لديها مصادر قوة وأسلحة تختلف عما يتوفر للقوى الأخرى:

1ــ فالمجلس العسكرى، تتمثل مصادر قوته فى أنه هو الممسك بزمام السلطة الآن، وفى وفرة ما لديه من سلاح مادى وأموال، وقدرته على السيطرة على الجهاز الحكومى، بما فى ذلك الجهاز الإعلامى الرسمى، ناهيك عن السجون والمعتقلات.

2ــ أما الثوار، فتكمن قوتهم فيما يتمتعون به من تأييد شعبى واسع، ومن ثم كثرة المستعدين لتلبية نداءاتهم، بالإضافة إلى استعدادهم للتضحية، الذى لا يتوفر لغيرهم.

3ــ وأما الفلول، فلديهم أيضا المال الوفير، والعلاقات الوثيقة ببعض أصحاب السلطة (المركزية والمحلية)، بل واستمرار وجودهم بأشخاصهم فى بعض هذه المراكز، بما فى ذلك وسائل الإعلام، فضلا عن طول الخبرة فى التعامل مع الأحداث بحكم اشتراكهم فى الحكم لفترة طويلة سابقة على الثورة.

4ــ أما الإخوان المسلمون والسلفيون، فتكمن قوتهم فى قاعدتهم الشعبية العريضة، وما اكتسبوه مع مرور الزمن من قدرات تنظيمية، ومن ثم قدرتهم على تحريك أعداد كبيرة من أشخاص لإطاعة الأوامر، وما جمعوه وما يمكن لهم جمعه من تبرعات من أنصارهم فى الداخل والخارج.

5ــ وأما القوى الخارجية، فمصدر قوتهم أموالهم الوفيرة، وأسلحتهم المتقدمة وأجهزة مخابراتهم، وما لهم من تجربة طويلة ومعرفة بما يجرى فى مصر، ومن أنصار ووكلاء فى داخل مصر تكونوا طوال الثلاثين أو الأربعين عاما الماضية.

لكل من هذه القوى مصلحة أو مجموعة من المصالح تختلف بدرجة أو أخرى عن مصالح الآخرين. فالمجلس العسكرى (بصرف النظر عن مشاعر وأفكار هذا العضو أو ذاك من أعضاء المجلس) لابد أن من بين مصالحه المهمة احتفاظ المؤسسة العسكرية بما استمرت تتمتع به من امتيازات سياسية واقتصادية (طوال عهد مبارك على الأقل)، وضمان عدم التعرض للمخطئين منهم للمساءلة عما ارتكب من أخطاء فى ذلك العهد أو بعد الثورة.

وأما الفلول فيهمهم بشدة تعطيل (أو إيقاف) المحاكمات والمساءلات والتحقيقات، بل ولا شك أن بعضهم لم يفقدوا الأمل فى استعادة مواقعهم القديمة، ومن ثم استعادة ما كانوا يتمتعون به من مراكز وامتيازات قضت عليها الثورة أو تحاول القضاء عليها.

أما الثوار فيريدون تحقيق أهداف الثورة. وعلى الرغم من عمومية الشعارات التى يرفعونها للتعبير عن هذه الأهداف فليس من الصعب ترجمتها إلى إجراءات محددة، تحقق الحرية والعدالة والتقدم. وهم على أى حال قادرون على التمييز بين من يعملون لصالح هذه الأهداف ومن يعملون ضدها.

وأما الإخوان المسلمون والسلفيون فلهم أيضا مبادئهم التى يطمحون إلى تحقيقها، ولكنهم أيضا يطمحون إلى تولى السلطة، بعد اضطهاد طويل، أو على الأقل أن يكون لهم من النفوذ ما يؤثر فى سلوك الممسكين بالسلطة. ومبادئهم كثيرا ما تبدو متفقة مع أهداف الثوار، كالحرية والعدالة، ولكن مرجعيتهم الدينية تجعل من غير الواضح دائما ما إذا كان تطبيقهم لهذه الشعارات فى الواقع سوف يتفق أو لا يتفق مع أهداف الثوار.

وأخيرا يمكن تلخيص أهداف القوى الخارجية فى استمرار تبعية مصر لإدارة هذه القوى: اقتصاديا وسياسيا وعسكريا، على نفس النمط الذى كان سائدا فى عهد مبارك، أو بنمط جديد يتمشى مع ما طرأ من ظروف جديدة فى العالم، وتغيير المركز النسبى لكل من القوى الكبرى.

●●●

إن ما شهدناه من أحداث وتطورات خلال العام الأول التالى للثورة هو حصيلة تفاعل هذه القوى الخمس. وكانت النتيجة كما يلى: مجلس عسكرى مستمر فى فعل ما يشاء ولا يعطى إلا تنازلات شكلية. والفلول حققوا نجاحا لا يُستهان به فى تعطيل المحاكمات والتحقيقات والمساءلات، ومنع استرداد الأموال المنهوبة، ومن ثم لابد أن ارتفعت آمالهم فى إجهاض الثورة عما كانت فى بدايتها. قدم الثوار تضحيات كثيرة، أكثر بكثير مما كان يظن أحد فى بداية الثورة، وأصيب كثيرون من مؤيديهم بدرجة عالية من الإحباط بسبب قلة (أو انعدام) ما تحقق من أهدافهم. ومع ذلك مازالت الثورة والمقاومة مستمرة.

على العكس من ذلك، حقق الإخوان المسلمون والسلفيون نجاحا كبيرا يفوق ما كانوا يحلمون به فى بداية الثورة، وقد ساهم فى إحداث هذا النجاح تأييد المجلس العسكرى والقوى الخارجية لهم. كان أهم مظاهر هذا النجاح بالطبع حصولهم على الأغلبية الساحقة فى مجلس الشعب، وإن كانت شعبيتهم قد أصابها بعض التدهور، وبسبب مواقف اتخذوها فى تأييد المجلس العسكرى وضد أهداف الثوار.

أما القوى الخارجية فيصعب الحكم على مدى تحقيقها لأهدافها، فهى صامتة إلى حد كبير، والعلاقة بينها وبين المجلس العسكرى ليست واضحة تماما، بل ثارت بعض الشكوك حول نوع هذه العلاقة فى الأيام الأخيرة، بعدما ظهر أخيرا من خلافات بين الطرفين، لا يُعرف على وجه اليقين ما إذا كانت حقيقية أم مصطنعة.

●●●

ما الذى نستنتجه من تطورات السنة الماضية؟

أولا: نستنتج وجود «توافق» بين القوى الأربع ضد الثوار، سواء كان هذا «التوافق» مبنيا على اتفاق أو مجرد تلاق فى المصالح. (باستثناء ما بدا من تعارض بين أهداف المجلس العسكرى والقوى الخارجية أخيرا، مما مازال غير مفهوم حتى الآن).

الثوار إذن هم الوحيدون الذين يبدون وكأنهم فشلوا حتى الآن فى تحقق أهدافهم.

ثانيا: النتائج التى أسفرت عنها تطورات السنة الماضية تفصح عن أنها جاءت نتيجة قدر لا يُستهان به من الخداع. المجلس العسكرى يتظاهر بالعمل لمصلحة أهداف الثورة بينما يؤكد الواقع عكس هذا باستمرار. وأعضاء مجلس الشعب من الإخوان المسلمين (رغم أن المجلس مازال فى أول أيامه) يبدون وكأنهم يعملون مع المجلس العسكرى فى نفس الاتجاه، على الرغم من تظاهرهم بأنهم يؤيدون أهداف الثورة. أما الفلول فخداعهم مستمر لأنهم لا يظهرون بأشخاصهم بل يستخدمون آخرين (كالمسمين بالبلطجية مثلا) لتحقيق أغراضهم. وأما القوى الخارجية فكل ما تقوم به يحدث فى الظلام، فلا ندرى بالضبط علاقة ما يفعلون بما يحدث.

لماذا احتاجت كل هذه الأطراف إلى ممارسة نوع أو آخر من الخديعة؟ أما حاجة الفلول والقوى الخارجية لممارسة الخديعة فلا يحتاج إلى جهد لتفسيرها، إذ إن أهدافهم تتعارض تعارضا واضحا مع الأهداف الوطنية للثوار. ولكن لماذا يحتاج الإخوان المسلمون والمجلس العسكرى إلى ممارسة الخداع؟ هل الوصول أو الاحتفاظ بالسلطة أو استمرار التمتع بالامتيازات المادية تفسير كاف؟ فإذا كان هذا هو التفسير، فهل يصلح أيضا لتفسير انضمام المجلس العسكرى إلى الثوار فى حدود خلع رأس النظام فقط، دون الذهاب إلى أبعد من هذا؟

●●●

نعم، الصورة قاتمة جدا. ولكنها تبدو لى داعية للاستغراب ولا للإمعان فى التشاؤم. أما أنها لا تدعو للاستغراب، فلأن الحالة المحزنة الحالية، والتى حلت محل الفرح والتفاؤل الشديد الذى ولّدته أحداث يناير وفبراير من العام الماضى، تبدو فى ظل هذا التحليل نتيجة حتمية لتصارع خمس إرادات لكل منها مصالحها القوية التى تقاتل من أجلها. الثوار يريدون تحقيق بعض المثل العليا التى لا يمكن أن تتحقق إلا بسقوط النظام بأكمله، بينما المجلس العسكرى يريد إسقاط رأس النظام دون بقية النظام، والفلول يريدون الإبقاء على النظام وإنقاذ رئيسه وأسرته، والإخوان المسلمون لا يريدون أن يحل محل النظام القديم إلا نظام له نفس الموقف من الدين الذى يعتنقونه، والقوى الخارجية لا ترى بأسا، على الأرجح، فى سقوط رأس النظام، ولكنها تريد من الجميع الالتزام باستمرار التبعية.

كانت أحداث العام الماضى نتيجة حتمية لتصارع هذه الإيرادات الخمس، وكانت النتيجة للأسف، سقوط عدد كبير من الضحايا، غالبيتهم الساحقة من الثوار، لأنهم هم أكثر هذه القوى استعدادا للتضحية بالنفس، ولأن أهدافهم هى أبعد الأهداف عما تريده القوى الأربع الأخرى.

أما قولى بأن الحالة لا تدعو إلى الإمعان فى التشاؤم فيستند أولا إلى اعتقادى بأن من المفيد أن نذكّر أنفسنا من حين لآخر بالحالة التى كان يمكن أن نكون عليها لو استمر نظام ما قبل 2011 إلى السنة الحالية وما بعدها، واستقر الأمر للوريث وأصحابه عاما بعد عام، إن هذا الخاطر كاف وحده للتخفيف من شعورنا بالحزن.

ولكن لدىّ سبب آخر للتخفيف من حالة الحزن الحالية، وهو أن الحالة الراهنة من عدم الاستقرار وغياب الأمن وتوقف الاقتصاد لا يمكن فى رأيى أن تستمر طويلا. ذلك أن تصارع هذه القوى الخمس، الذى تسبب فى هذه الحالة لابد أن يحسم على نحو أو آخر بانتصار طرف (أو أطراف) على أطراف أخرى. ومازال للثوار أمل فى أن يكون الانتصار لهم فى النهاية.

رأي المدون :
في رأيي أن تحليل الاستاذ / جلال أمين للموقف الحالي هو تحليل أكثر من رائع ومن هنا يتضح أهمية سرعة إختيار رئيس الجمهوريه القادم ليستطيع أن يقوم بالتوفيق ما بين هذه القوى الخمس المتصارعه.
ونظرا لتشابك وتعقيد العلاقات ما بين هذه القوى الخمس فإنني أرى ضرورة إهتمام الناخب المصري الواعي بحسن الإختيار عند تحديد الرئيس القادم والذي لابد أن يملك القدرة الفائقه على التوفيق ما بين هذه القوى دون أن نعطيه أبدا ومهما كانت الأسباب ... شيك على بياض .
إذن الكره في ملعب الناخب المصري ... والله الموفق.


التاريخ يسجل

الثلاثاء، 7 فبراير 2012

( روشته ) لسيادة المشير وللبرلمان



محمود عمارة

Mon, 06/02/2012  المصري اليوم
يا سيادة المشير.. نرجوك باسم الشعب المصرى، ولمصلحة هذا الوطن، وللتاريخ الذى يسجل الآن كل موقف سلبى أو إيجابى، وقبل أن ننزلق جميعاً إلى الهاوية.. وحتى لا تجدوا أنفسكم كمجلس عسكرى مطاردين، وربما مسجونين، وتحاكموا أمام محكمة ثورة بقوانين استثنائية.. عليكم الآن أن تفيقوا، وتستوعبوا ما يحدث بالشارع، وتتفهموا وتنفذوا مطالب الثورة، وتفهموا أفكار ورؤية الشباب.. الشباب الذى يصل تعداده إلى 62٪ من الـ87 مليون، 62٪ أقل من 30 سنة.
صحيح أنه من الصعب جداً على من هو فى سن الكهولة بأمراض الشيخوخة أن يجارى، أو يفهم لغة العصر، الذى هو ليس عصره، وصحيح أيضاً أن من عاش فى برج عال، معزولاً عن تفاعلات مجتمعه، واعتاد طوال حياته أن يأمر فيطاع، أن يتقبل أسلوب «الجهر بالحقائق»، الذى يعبر به الشباب عن أنفسهم اليوم.. فكل من تجاوز الستين عاماً الآن هو فى الحقيقة «دقة قديمة» إلا قليلاً من الذين طوروا أنفسهم. وعليه: عليكم أن تقبلوا، وتتقبلوا، وتنفذوا مطالب الشارع التى هى مطالب الثائرين وهى:
أولاً: إعلان فورى لجدول انتخاب الرئيس، بفتح باب الترشح بدءاً من أول مارس، وتجرى الانتخابات أول مايو ليصبح لدينا رئيس مدنى منتخب يوم 7 مايو.
ثانياً: تشكيل حكومة «ثورية»، بالمعنى الحقيقى، وبلا لف أو دوران، والأسماء التى تملك الروح الثورية والخبرة.. على قفا مين يشيل، مع الاحتفاظ بوزير الداخلية الحالى.. لأن ما جرى كان جزءاً منه هو الإطاحة بهذا الوزير كما حدث مع الوزير أحمد رشدى سابقاً.
ثالثاً: فتح الصندوق الأسود.. الذى هو ملك للشعب المصرى، ليعرف الناس ماذا جرى؟ ولماذا جرى؟ وما هى مسؤولية كل واحد من الذين شاركوا فى دمار هذا الوطن الغالى؟ وإذا كان أحدهم أو بعضهم فى طرة ممسكاً بأوراق أو ملفات ضدكم أو ضد بعضكم، فأخبرونا واطلبوا السماح والعفو والاعتذار، قبل أن يُفتح الصندوق رغم أنف الجميع، وتتبعثر الفضائح، وتطير السهام فى كل اتجاه، وتزكم رائحة الفساد أنوف المصريين، ونصاب جميعاً بالترنح والذهول ثم الانتقام، وساعتها لن يستطيع أحد حماية أى أحد، وإذا كنتم واثقين من أنفسكم، وليس على رأس أحدكم بطحة.. فحاكموهم بتهمة الفساد السياسى. افتحوا فقط ملف البنك الذى ترأسه عاطف عبيد، أو كشوفاً بأسماء الذين تم تخفيض قيمة الجنيه المصرى بنسبة 100٪ لصالحهم عندما أصبح سعر الدولار 6 جنيهات بدلاً من 3 جنيهات - أو ملفات الأراضى السكنية والتجارية والسياحية، ولاَّ البورصة والطروحات المريبة والاتفاقات المذهلة، و...، و...، والعمولات فى السلاح ونقله، وفى قطع الغيار، ومكاتبنا فى واشنطن وباريس ومدريد - ومشروعات الأمن الغذائى والصناعى والترفيهى، والذى منه!
وإذا فعلت ذلك يا سيادة المشير، فسوف يغفر لكم الشعب أى أخطاء، قد يكون المجلس العسكرى قد ارتكبها خلال فترة إدارته السيئة للبلاد.. وإذا كان هناك من يجب محاسبته فهو السيد ممدوح شاهين، لأنه وبأمانة، هو سبب كل ما نحن فيه من لخبطة.
أما عن مجلس الشعب، فالحقيقة أننى كنت أجلس أمام الشاشة وأنا سعيد وفخور بما جرى فى أول جلسة غير عادية.. وكأننى كنت أشاهد البرلمان الإنجليزى أو الفرنسى، «موضوعية».. «صراحة».. «حرية».. «جدية».. «شفافية»، (رغم أى ملاحظات أو انتقادات)، وكنت أقارن بين «الأقنعة»، و«الغش»، و«الخداع»، و«الكذب الفاضح» فى العصر السابق، وكيف أن كثيراً من المعارضين، حتى الأحزاب كانوا متواطئين أو مستأنسين، وبين هؤلاء الرجال! وبهذه الجلسة التاريخية حصل البرلمان على صك التأييد حتى من أغلبية المعارضين، وأعطانا الأمل فى أنه ليس برلماناً للإخوان أو للسلفيين أو للمعارضين، لكنه أثبت فى هذه الجلسة أنه برلمان كل المصريين. ولهذا نطالبه بالتالى:
أولاً: أن يُصدر قانوناً من 7 كلمات ينص على: (التزام كل مؤسسات الدولة بتنفيذ أهداف الثورة وهى: «عيش» (بمشروع متكامل للنهضة تقدمه حكومة الثورة).. «حرية» بتطبيق القانون على كل المصريين.. و«عدالة اجتماعية» بحزمة تشريعات تصب فى صالح محدودى الدخل.
ثانياً: البحث عن طريقة قانونية لتعيين نائب عام جديد، وإذا تعذر قانوناً، فليصدروا قانوناً لتعيين نائب عام ثان له اختصاصات خاصة يتولى الادعاء فى الجرائم التى ارتكبها أى وزير أو مسؤول، بمن فيهم رئيس الجمهورية، ويعمل مع المحكمة الثورية، التى سيتم تشكيلها.
ثالثاً: شهداء مجزرة بورسعيد (التى دبرها ونفذها ديول ساكنى ليمان طرة، وحبيب العادلى بالذات مع تلامذته)، يضافون إلى شهداء الثورة، ويتم تكريم الجميع أعظم تكريم، فبفضلهم اكتشفنا من هو «اللهو الخفى»!
رابعاً: من حق المجلس فى هذه الظروف أن يستدعى من يشاء من أعضاء المجلس العسكرى لمساءلتهم عما جرى فى بورسعيد، ولماذا اختفت الشرطة العسكرية من التأمين؟!
خامساً: أن يعقد البرلمان جلسات يومية لإصدار ما يراه من قوانين وتشريعات وتوصيات لعدل «عقارب ساعة المجتمع»، بعد أن تأخر النظام الحاكم كله من المجلس العسكرى والحكومة والبرلمان عن حركة الشارع، وأصبح الشارع الآن، ومنذ 25 يناير 2011، سابقاً بأميال حركة من يحكمونه، التى فضحت «التكلس»، و«خشونة المفاصل»، و«فروق التوقيت»!
وإذا لم نفعل ذلك، وأضعنا وقتاً إضافياً، فسوف تسير الأمور بالاتجاه المعاكس، وسيدفع الجميع ثمناً باهظاً لا داعى له!
نرجوكم بلاش كبر وتكبر «فصاحب دكتوراه العناد» كان بإمكانه أن يحيا باقى أيامه فى شرم الشيخ، أو حتى فى السعودية، لكن كما تعلمون «فالعند كفر».. فلا تكونوا من الكافرين.. أرجوكم.
رأي المدون:
أ . د . محمود عماره أقترح أن يكون عنوان المقال .
اللهم إني بلغت ... اللهم فاشهد
التاريخ يسجل

الأحد، 5 فبراير 2012

الخروج الآمن للوطن

معتز بالله عبد الفتاحالشروق 04/02/2012تكلفة التحول الديمقراطى يمكن أن تكون منخفضة نسبيا ويمكن أن تكون مرتفعة نسبيا ويمكن أن تكون مرتفعة لدرجة الردة وبالتالى العودة إلى الماضى.

وكما كتبت من قبل فإن دولا كثيرة حاولت ونجحت ولكن بتكلفة عالية للغاية. دولة مثل بنجلاديش ظلت تحاول منذ 1974 وبدأت بوادر نجاح التحول الديمقراطى فى مطلع هذه الألفية، وبعدها بثلاث سنوات بدأت بنجلاديش فى طريق التنمية الشاملة مع خطة لإنشاء أكبر ميناء فى جنوب آسيا وواحد من أكبر مطارات آسيا. معدلات الأداء الاقتصادى فى تحسن لدرجة أن الاقتصادى الهندى الحاصل على جائزة نوبل فى الاقتصاد، آمارتيا سن، وصف التقدم فى الأداء الاقتصادى فى بنجلاديش بأنه أفضل من نظيره فى الهند. ولكنه نجاح أعقب فشلا تاريخيا استمر ثلاثة عقود مع تكلفة باهظة للغاية.

تحدثت من قبل عن كينيا وبوليفيا اللتين وصلتا فى النهاية إلى خط النهاية فى عملية التحول الديمقراطى ولكنهما دفعتا ثمنا عاليا ومبالغا فيه. والحقيقة أن مصر تسير على نهجهما فى ما يتعلق بأهم خطأين وقعا فيهما. أولا، غياب خارطة طريق واضحة بإجراءات محددة يدعمها تأييد شعبى عبر استفتاء أو انتخابات أولية ويتراضى الجميع على مشروعيتها من البداية. ثانيا، تطويل عملية التحول الديمقراطى وكأن الوقت مورد غير محدود، ولمن يعلم فإن الوقت عنصر رئيسى فى هذه الحسبة لأن الثورة تقوم لأهداف محددة يقوم عليها إما طليعة الثورة إن وصلت إلى السلطة أو الجهات المنتخبة فى أعقاب الثورة، والتطويل يعنى فى نظر الثوار أن الثورة فشلت، وبالتالى إما ثورة جديدة أو الثورة مستمرة.

دولة مثل كينيا بدأت تجربتها الديمقراطية فى 2001 وكانت نقطة البداية «خريطة طريق» بدأت بقانون «مراجعة دستور كينيا» وكان القانون يمثل إطارا إجرائيا محكما لتحقيق مشاركة شعبية واسعة تتضمن مؤتمرا دستوريا وطنيا كمنبر لتبادل الآراء فضلا عن لجان استطلاعية انتشرت فى البلاد لمعرفة تطلعات الناس وترجمتها إلى مواد فى الدستور الجديد. وكان من المفترض، وفقا للخطة الأصلية، أن ينتهى هذا الجهد فى عام، ولكنه استمر ثلاث سنوات، لأن البعض هناك فزع وأفزع الناس خوفا من دستور جديد سريع تسيطر عليه قبيلة معينة. المهم أنه فى ربيع 2004 انتهت جهود تجميع هذه الاقتراحات وصولا إلى «لا شىء ضخم» لأن الأغلبية البرلمان كانت انشغلت بقضايا أخرى وتراجعت أهمية فكرة تغيير الدستور إلى أن بدأت المعارضة تدخل فى اعتصامات وإضرابات وغلق طرق. وهنا بدأ المشروع يتحرك مرة أخرى فى البرلمان حيث بدأت الأغلبية، مضطرة، تطرح أفكار الدستور على البرلمان مع تعديلات كبيرة عما طالب به المواطنون أصلا من ضمنها أنها أعطت رئيس الجمهورية صلاحيات كبيرة بما فى ذلك حقه فى تعيين رئيس الوزراء بدون العودة للبرلمان عكس رغبة أغلبية القوى السياسية. الطريف أن الشعبى الكينى الشقيق فى استفتاء 2005 رفض مسودة الدستور بأغلبية 57 بالمائة من الأصوات. أرجو قراءة الجملة الأخيرة مرة أخرى: الكينيون رفضوا مسودة الدستور لأنه لم يكن ملبيا لطموحاتهم. واستمر العمل بالدستور القديم خروجا على خريطة الطريق الأصلية مرة أخرى وصولا إلى انتخابات معيبة فى 2008 انتهت إلى المزيد من الشغب والعنف وأخيرا تعلم الكينيون أن الحل اسمه: «التزام خريطة الطريق المتفق عليها». وتم تصحيح الأخطاء بتشكيل لجنة من الخبراء السياسيين والقانونيين تم تكوينها من ستة كينيين وثلاثة غير كينيين: واحد من زامبيا وآخر من جنوب أفريقيا وآخر من أوغندا. وقامت اللجنة بعمل خطة عمل تضمنت النقاش المتخصص (حيث لم تقم اللجنة باستطلاع آراء الناس مرة أخرى) حول مواد الدستور المثيرة للجدل (ومعظمها بالمناسبة فى الجزء الخاص بصلاحيات رئيس الدولة وعلاقته بالبرلمان ورئيس الوزراء، أى ما يعادل آخر ثلاثة أبواب فى دستور 1971). كما تضمن عمل اللجنة كذلك إعداد برامج للتربية المدنية والديمقراطية وتدريب الناس على قبول الآخر. وأخيرا أقر الدستور فى 2010 بأغلبية 67 بالمائة بعد 10 سنوات من الصراعات ودخلت كينيا دائرة «الديمقراطيات الناشئة.»

***

وإذا كان للإنسان أن يطرح سؤالا تفسيريا وهو من المسئول عن النجاح أو الفشل فى هذا التحول الديمقراطى. نقطة البداية فى التفسير هى الجهة القابضة على عملية التحول الديمقراطى ومدى قدرتها على تحقيق الخروج الآمن للوطن من حكم الاستبداد إلى الحكم الديمقراطى. وفى حالة مصر تحديدا، فإن هذه الجهة هى المجلس الأعلى للقوات المسلحة والذى أمامه أربعة بدائل تتمحور حول قضيتى: التسليم والمساعدة.

البديل الأول، أن يسلم السلطة إلى حكومة منتخبة ديمقراطيا بالإضافة إلى مساعدة الدولة والمجتمع على تحقيق نهضة حقيقية من خلال الموارد البشرية والمادية المتاحة للقوات المسلحة كما هو الحال فى الكثير من الدول التى تحولت فيها القوات المسلحة إلى جهاز مهنى دفاعى وتنموى. وقد شهدت العديد من الدول تجارب بارزة لتجسد هذا المعنى مثل شيلى والبرازيل.

البديل الثانى، هو أن تقوم القوات المسلحة بتسليم الحكم إلى الحكومة المنتخبة لكنها لا تقوم بمساعدة الدولة والمجتمع على تحقيق نهضة تضمن الاستقرار السياسى والاقتصادى لاحقا. وهذا عادة يكون مؤشرا على أن القيادات العسكرية لديها نية للعودة مرة أخرى لإدارة شئون البلاد مع أول فرصة أو أن لديها رغبة فى أن تتحكم دون أن تحكم مثلما هو الحال فى باكستان وفى كوت دى فوار.

البديل الثالث، هو ألا تقوم القوات المسلحة بتسليم السلطة (أى تتولى بنفسها ومن خلال أحد أو بعض قياداتها تولى السلطة) وتقوم برفع معدلات النمو الاقتصادى ووضع البلاد على طريق التنمية الشاملة مثلما شهدت كوريا الجنوبية تحت حكم الجنرال «بارك هى» وكذا تايوان تحت حكم « تشان كاى تشيك».

أما البديل الرابع والأسوأ فهو نموذج السلطة العسكرية التى لا تسلم السلطة للحكومة المدنية المنتخبة ولا تساعد على بناء الدولة والمجتمع وهو ما أنتج نموذج الدولة النهابة (predatory state) على نمط زائير فى ظل حكم موبوتو سيسيسيكو ونيجيريا فى ظل إبراهيم بابنجيدا.

***

الاختيار العاقل والوطنى الوحيد هو البديل الأول. ولكن هل هكذا يفكر قيادات المجلس الأعلى للقوات المسلحة؟ لا أدرى، ولكن المؤشرات تؤكد أن مزيدا من الوقت يعنى أن المجلس الأعلى يحفر حفرة عميقة وتزداد عمقا كل يوم وهو لا يفكر كيف سيخرج منها.

أزعم أن المجلس الأعلى ومعه النخبة السياسية قررت أن تظل تعبث فى «الزراير» حتى لا تقرأ كاتالوج التحول الديمقراطى، وتسير على نفس النهج القديم الذى قال عنه الرئيس جمال عبدالناصر: «منطق التجربة والخطأ». وهو أمر خطير مع دولة بهذا الحجم ومع نخبة شبابية بهذا الفائض من الحيوية. إن السياسة هى فن التوفيق، وليس المفاضلة، بين الأهداف المتعارضة. وهذا فن لا يجيده إلا رجال الدولة ممن تمرسوا على ذلك وجُبِلوا عليه، ولا أرى أمامى فى المجلس الأعلى من يجيده، حتى وإن كان ما يتقنونه حقيقة هو الأعمال العسكرية.

أرجوكم فلنفكر جميعا فى خروج آمن للوطن، ولتكن نقطة البداية التعجيل بفتح الباب للانتخابات الرئاسية وأن يعود المجلس الأعلى إلى مهمته المقدسة عاجلا وليس آجلا.


رأي المدون:
في رأي المدون أن المجلس العسكري قد حزم أمره وإختار البديل الثاني

التاريخ يسجل